مخاوف وشكوك

آراء 2022/02/16
...

  شمخي جبر
 
يشهد واقعنا السياسي الكثير من التشنجات التي تصل أحيانا الى حد العنف حين تغلق منافذ وبوابات الحوار، أو قد يكون مصدره الشك والريبة وعدم التفاعل السياسي الايجابي.
في بلدان التنوع الأثني يتصاعد التباعد لانعدام آليات واضحة لادارة التنوع، فتسود بين المختلفين أوراق مقلوبة لا تعرف مضامينها لانعدام الشفافية وشيوع المضمر وانعدام الثقة.
وتسود هذه الحالة بشكل خاص داخل المكونات التي تعرضت الى مظالم واضطهادات واقصاء وتهميش، فتحمل من المخاوف اكثر من غيرها، ولأن الخوف (انفعال قوي غير سار ينتج عن حالة شعورية وجدانية تنتاب الشخص عندما يشعر بوجود خطر أو توقع حدوثه، ويكون مصدر هذا الخطر داخليا من الشخص نفسه أو خارجي من البيئة ) فإن هذه المخاوف التي يتحدث عنها بعض السياسيين لا بد من الاعتراف بوجودها، لان الاعتراف جزء مهم في طريق العلاج والحل.
المشكلة الاساسية التي يعانيها مشهد الحراك السياسي العراقي، هو عامل الريبة والخوف المتبادل بين النخب السياسية، والذي امتد فوصل تأثيره في بعض الاحيان الى المشهد الاجتماعي فزاد من عوامل التباعد.
ففي ظل عوامل التهميش والاقصاء التي عاشها البعض تبرز الحاجة لضمانات، لإزالة مصادر المخاوف والشكوك والريبة والوهم، وهذا يتمُّ من وجود المشترك الوطني الذي تلتف حوله جميع الاطراف السياسية. ويتمثل هذا بعقد اجتماعي ينظم هذه العلاقات ويقدم تطمينات وضمانات للخائفين، يتمثل بالدستور الذي أسهم في وضعه الجميع واتفق عليه الجميع، لكن مع كل هذا الاتفاق هناك اشارات واضحة الى أهمية اجراء تعديلات عليه، وهو ما اشارت اليه المادة الدستورية (142). الدستور الذي يتفق عليه الجميع ويقدم ضمانات للجميع لا قوة تجاريها او تعلو عليها، بعيدا عن التوافقات والترضيات التي تحرم البعض من حقوقهم، فضلا عن بناء دولة المؤسسات والقانون والمواطنة الحقة، التي يقف فيها جميع المواطنين على خط شروع واحد من المساواة في الحقوق والواجبات، ويتمتع الجميع بالمشاركة السياسية والاقتصادية، وبناء دولة الحق والعدل والانسان.
لا يمكن عبور مراحل الشكوك والمخاوف وتصاعدها إلا من خلال حوار وطني يشارك فيه الجميع من أجل عبور الاختناقات بأقل التضحيات وتجاوز الانسداد السياسي الذي يبرز بين مرحلة وأخرى، وايجاد ضمانات قانونية ودستورية ترضي الجميع .
وفي الختام نقول إن آليات العمل تعتمد انتاج الحلول وليس غض الطرف عن المشكلات او تدويرها الى أوقات اخرى، وفتح جميع الملفات وليس إهمالها او القفز عليها وتجاهلها مهما كان تعقيدها وصعوبتها.