ميادة سفر
حوّل التطور التكنولوجي العالم إلى قرية صغيرة، وخلق عالماً جديداً من العلاقات الاجتماعية والإنسانية التي لم تكن موجودة قبل عدة سنوات" وأدى ظهور الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة إلى ظهور مفاهيم جديدة للعلاقات بين البشر، وصور جديدة للصداقة ممثلة بالأصدقاء الافتراضيين عبر الشبكة العنكبوتية.
اليوم قلة قليلة جداً من الأشخاص لا يملكون حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي من الفيس بوك إلى تويتر والانستغرام وووووو ...إلخ، ولدى الكثيرين المئات وربما الآلاف من الأصدقاء، قد يعرف صاحب الحساب عدداً منهم من محيطه الاجتماعي أو العمل أو غيره، لكن الأغلبية تكون مجهولة بالنسبة للشخص، ومع ذلك يتم التواصل وتبادل الأحاديث وربما الاتفاق على اللقاء إذا كانوا في بلد واحد، وهنا تطرح عدة تساؤلات: هل يمكن أن يتحول الأصدقاء الافتراضيون إلى حقيقيين؟ وماهي خطورة هذه المواقع والأشخاص المتواجدين فيها؟ لاسيما ان بإمكان الشخص انتحال أي صفة والتحدث بها، هل يمكن لهؤلاء تقديم العون أو الاعتماد عليهم؟ وهل يستطيعون حفظ الأسرار؟.
لا يمكن الجزم بأن الصداقة عبر الانترنت يمكن أن تتحول إلى حقيقية أم لا، لأن هذا الأمر تحكمه عدة أمور منها اختلاف وبعد البلدان عن بعضها، لكنها ممكنة وقد حصلت وأصبح الأشخاص الافتراضيون أصدقاء حقيقيين، حتى تحولت بعض العلاقات إلى علاقات حب تكللت بالزواج في حالات لابدّ أن الكثيرين منا سمعوا بها.
من جانب آخر إذا كنا قد تعرضنا في حياتنا العادية لمضايقات وازعاجات من أشخاص نعرفهم شخصياً، فما بال أولئك الذين تفصلنا عنهم مسافات ولا نعلم مدى صحة المعلومات التي يدلون بها عن أنفسهم من عدمها، لذلك لا بد من الحذر قدر الإمكان ونحن نغوص في هذا الفضاء الواسع المنفلت في كثير من الأحيان من كل الضوابط والقيود، ولكن لا يمكننا أن ننكر أن هذه المواقع كانت لها ايجابيات، فافسحت المجال لتعارف الكثير من الأشخاص إلى بعضهم والتعرف على ثقافاتهم والدخول في حوارات ونقاشات مختلفة ومفيدة، وفي جانب سلبي تعرض البعض لابتزاز من أصحاب النفوس الضعيفة المريضة، لذلك قد يكون من الجيد توخي الحذر والاختيار المتأني للأشخاص الذين نرغب بأن يرافقونا على مواقعنا الخاصة، فقد كشفت عدة دراسات أن الأشخاص الذين لديهم عدد كبير من الأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي أكثر عرضة من غيرهم للمضايقات، لأنه يغدو من الصعب تحديد توجهاتهم وسلوكهم وانتمائهم.
كما لابدّ من الاشارة إلى نقطة غاية في الأهمية وهي سهولة نشر الأفكار المتطرفة والإرهابية عبر هذه المواقع، وهو ما اتبعته التنظيمات الإرهابية من داعش وغيرها، لذلك يجب الانتباه لهذه الأمور من قبل الأهل والمجتمع.
ختاماً، إذا ما أردت الحديث عن تجربة شخصية، بكل أمانة أقول إن الموقع الأزرق "facebook"، أتاح لي التعرف على كثير من الأشخاص الذين أعتز اليوم بهم، وكانوا من خيرة الأصدقاء من سوريا بلدي ومن عدة بلدان عربية، لذلك يمكن القول: كما في الحياة حولنا أصدقاء نأنس لهم كذلك يمكن أن نجد عبر الانترنت أيضاً من يمكن أن يكونوا أصدقاءً حقاً.