بوتين واستعادة إمبراطورية روسيا؟

آراء 2022/02/21
...

 يعقوب يوسف جبر 
 
مايدور في الوقت الحاضر من نزاع سياسي بين روسيا وأوكرانيا ليس طرفه الدولتان فقط ؛ بل عدة دول كانت اعضاء في حلف وارسو، منها بولندا اضافة إلى دول البلطيق مثل لتوانيا واستونيا ولاتفيا، فهذه الدول تطمح بالتعاون السياسي معا لتوسعة نفوذ حلف الناتو في تلك المنطقة، لذلك هي تعمل على استدراج أوكرانيا إلى حلف الناتو، وهذا ما لا ترغب فيه روسيا كونه يهدد أمنها القومي والاقتصادي ويسمح لحلف الناتو بتوسعة نطاق نفوذه الجيوسياسي ضمن شرق أوروبا، وفي حالة حصول هذا التوسع والنفوذ فهو يعني تضاؤل نفوذ روسيا الجيوسياسي في شرق أوروبا، لذلك فإن روسيا وبزعامة رئيسها فلاديمير بوتين لن تسمح بتحقق هذا الهدف، لأنه في حالة سماحها فهذا يعني بداية النهاية لقوة روسيا العظمى في أوروبا ثم في العالم أجمع، ومن أوضح الأدلة على ما ذهبنا اليه من قراءة جيوسياسية للوضع القائم، أنَّ روسيا في السابع عشر من ديسمبر أصدرت إنذاراً افتراضياً للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي الناتو ؛ عبر نشر مشروعي اتفاقيتين أمنيتين، أحدهما كان معاهدة ثنائية بين الولايات المتحدة وروسيا . والآخر متعدد الأطراف بين الناتو وروسيا، واشتملت الوثائق على ستة مطالب رئيسة:
 
( 1 - يجب ألا يقبل الناتو أعضاء جدداً ينضمون اليه بما في ذلك أوكرانيا.
2 - يجب ألا تنشر الولايات المتحدة وحلف الناتو صواريخ قصيرة أو متوسطة المدى ضمن النطاق الذي تبلغ فيه المناطق الروسية.
3 - يجب ألا تنشر الولايات المتحدة أسلحة نووية في الخارج.
4 - يجب على الناتو ألا ينشر قوات أو أسلحة ضمن نطاق الدول الأعضاء التي انضمت له بعد ما يعرف بالقانون التأسيسي الصادر في مايو 1997، وهي تشمل جميع الدول سالفة العضوية في حلف وارسو مثل بولندا وكذلك دول البلطيق المنضوية سابقاً تحت راية الاتحاد السوفياتي.
5 - يجب على الناتو ألا يجري تدريبات عسكرية فوق مستوى لواء، أي 3000 إلى 5000 جندي، كما ينبغي أن تكون ضمن منطقة عازلة متفق عليها.
6 - يجب على الولايات المتحدة عدم الاتفاق على التعاون عسكرياً مع دول الاتحاد السوفييتي السابقة) 
إذن وفق هذه الشروط وهذه البنود أعلاه تتضح ملامح وخلفيات النزاع الروسي الأوكراني؛ فهو نزاع يمس مصالح روسيا وأمنها القومي، اضافة إلى ذلك فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى إلى زيادة قوة روسيا كأنه يعمل على إحياء امبراطورية روسيا القديمة، التي بنى مجدها القيصر الروسي بطرس الاكبر خلال القرن السابع عشر حين هزم الجيش الروسي الجيش السويدي.
هكذا اذن تتضح الصورة ويبرز لنا شبح حرب قد تقع وهي حرب مصير وقدر حتمي ؛ في ما لو لم تنجح الطرق الدبلوماسية في استعادة اجواء الهدوء بين روسيا وأوكرانيا.