التوريث المستحيل

الرياضة 2022/02/21
...

علي رياح
قيل للنجم البرتغالي رونالدو: هل يمكن أن يحترف نجلك (جونيور) كرة القدم؟ هل ستدفع به إلى هذا الميدان أملا في أن يصبح صورة منك، ربما تحمل شيئا من خصائصك؟  .
كان الرد حاضرا بعقل مستنفر وقلب مستريح: لن أضغط عليه.. هو سيختار ما يشاء.. يسعدني حقا أن يكون نجما، لكن أفضل ما نعلمه لأولادنا هو الحب غير المشروط.  
رونالدو كان في منتهى الصدق، فالنجومية في ميدان إبداعي مثل كرة القدم لا تورَّث، والإبداع في مجالات حياتية كثيرة لا يمكن أن يُنقل بتوجيه أو فرمان أو مرسوم.. المسألة تتعلق بقدرات ذاتية نابعة من الداخل.. قدرات لا تنتقل مع الجينات الوراثية، خلافا لما يمكن أن يكون عليه الحال – مثلا – في ميدان السياسة، فالتاريخ يكاد يغصّ بنماذج تتحدث عن انتقال الصولجان من يد إلى أخرى في إطار الأسرة الواحدة، وعبارة (مُلك عَضوض) –على سبيل المثال- لا يمكن أن تصدق في الكرة بعكس الحال في الزعامة السياسية.  
كانت هذه الخواطر تستغرقني في اللحظات التي تجوّل فيها فيصل وحسنين نجلا الراحلين أحمد راضي وعلي هادي في ملعب الزوراء لتحية الجمهور الذي كنت أشاركه المشاعر التي ترقى إلى مستوى الأمنيات في أن نجد فيصل أو حسنين نجمين في الكرة..  
الخواطر تترى، ومعها سؤال حول أية نماذج عراقية سابقة نعرف أنها حازت البريق الكروي بالتوارث.. حسين سعيد غادر الكرة ولم نسمع أن أنجاله الثلاثة عمر وحيدر وسعد قد ترسّموا خطى الوالد، رعد حمودي وجد في نجله طلال حب الفروسية وربما فن من الفنون القتالية، فلاح حسن قدم لنا تيسير وإيهاب في ملاعب أمريكا ولكن على نطاق محلي محدود ويكاد لا يذكر، وهكذا كنت أفتش عن التجارب ولا أجد مثل هذا التوريث إلا في نطاق المحاولة، عرفت أبناء كثيرين كانوا مشاريع لاعبين، لكنهم لم يصبحوا نجوما لامعين.. بعضهم داعبته فكرة الابن- النجم لكنه انكفأ وتوقف عند منتصف الطريق، وبعض آخر غادر الملاعب من دون أن نرى له أثرا من النجاح. 
قد نجد النجومية بالجملة في بيت واحد، على غرار بيت أحمد (البصري) الذي قدّم عبد الرزاق وهادي (قدّمَ بدوره ثلاثة أشقاء لم ينالوا شهرة والدهم) وهاشم، أو بيت نوري البارودي الذي قدّم مظفر وصباح ورياض، والنماذج هنا عديدة ولا يستوعبها الحيز، لكن اقتسام نجومية الأشقاء يختلف تماما عن انتقال الأضواء من الآباء إلى الأبناء. 
ويبقى عندي سؤال يبدو افتراضيا: هل سيوجّه فيصل أحمد راضي (ضربة) إلى كل هذه الأفكار ويحقق معادلة التوريث الصعبة بموهبة ستتجلى في الكرة قريبا، تماما كما سدد أبوه وهو في السابعة عشرة من عمره، ضربة المُعلم الواعد، نحو الحسابات التقليدية ولعب لمنتخب العراق في تكريس لموهبة كانت نادرة في حينه، وستبقى كذلك حتى يكتب الله تكرارا لمواصفاتها وكل ما أحاط بها من وميض؟.