ليبيا وصراع التسميات

الرياضة 2022/02/22
...

علي حسن الفواز
 
صراع المصالح، والجبهات المفتوحة، والأجندات المسلحة، هي الملامح الحادة للمشهد الليبي، والذي بات يستدعي له نظائر لغوية، تجعل من صراع التسميات وكأنه تمثيل نفسي وتاريخي وآيديولوجي وقبلي للجماعات الليبية المتصارعة، فمرحلة مابعد القذافي، وسخونة الربيع العربي فيها، كشفا عن واقع مجتمعي مضطرب ومنقسم، وعن بنيات سياسية لا  مؤسسات حقيقية لها، فهي خاضعة إلى أجندات إقليمية، وتؤسس خطابها على الغنائم، وعلى التخندقات السياسية..
ما يحدث بعد أحد عشر عاماً في ليبيا مازال غامضاً، وأن البدء بعملية سياسية جامعة هو أبعد من أن يتوافق عليه الليبيون، فالصراع ما أن يخفت حتى يبدأ من جديد، وبأشكال مختلفة، وأن حكومات الجغرافيا بين طرابلس وبنغازي مازالت تفرض شروطها على الخارطة السياسية، وتضع الجميع عند حافة حروب هي الأقرب إلى حروب الصومال القديمة والتي ضاعت فيها البلاد مع التشظي السياسي والجماعوي، ومع هيمنة العقل الميلشياوي.
الصراع بين حكومتي الرئيس عبد الحميد الدبيبة، والرئيس الجديد فتحي باشا يقطع الطريق على أي اتفاق، ويجعل من الحوارات السياسية رهينة بالعودة إلى الخنادق المسلحة، فالطرفان مازالا يتنافسان على السلطة، كما أن  المؤسسات "الدستورية" مازالت هي الأخرى تعيش هذا التنافس الصعب، لاسيما وأن الأمم المتحدة مازالت تعترف بالأول، وحسب اتفاقية جنيف، وإن الثاني جاء ضمن حسابات الصراع السياسي، وبترشيح من مجلس النواب والمجلس السياسي، وهذا مايضع مشكلة التسميات وكأنها "قنابل موقوتة" بوجه أي إجراء سياسي يُعطي الشرعية 
لهذا الطرف أو ذاك.
الكلّ يتحدث عن الانتخابات، وعن استحقاقاتها، لكن المفارقة تكمن في مَن سيرعى هذه الانتخابات؟ وهل ثمة قوة حيادية في ليبيا تملك قدرة الفصل بين المتحاربين؟.
أحسب أن هذه الأسئلة ستظل عالقة، وستظل دورة السياسة محصورة عند جغرافيا الأجندات، وهذا ما يجعل البعض يعود إلى فكرة الحلول العسكرية لحسم المواقف، ولأن العالم الآن مشغول بصراعات أخرى، فإن الملف الليبي سيظل متروكاً، ومكشوفاً على الحسابات الإقليمية التي تريد غنائمها السياسية مثلما تريد غنائمها النفطية..