تشوهات المكان من الحرب الأهليَّة اللبنانيَّة

فلكلور 2022/02/22
...

 بيروت: غفران حداد
ما أن يتجول السائح الأجنبي في ضاحية بيروت الجنوبية مثل منطقتي {الشيّاح} و{حارة حريك}، سيلاحظ الكثير من الأمكنة المهجورة وعلى حيطانها شظايا الرصاص والقذائف والقنابل تجسد الحرب الأهلية في لبنان (1975 - 1990)، صورٌ تحكي قصص قتلى وجرحى مدنيين ما زالت ذاكرة من عاشوا تلك الحرب مليئة بالوجع والأحداث.
 
أرشفة المواقع
في أرشيف الحاجة بدرية عبد القادر (82 عاما) مدرسة متقاعدة من سكان منطقة كورنيش المزرعة، الكثير من الصور القديمة التي التقطتها وتؤكد  من هواياتي أرشفة المواقع والتقاط الصور وكان حلمي في صباي ان اكون مصورة صحافية، لكن مشاغل الحياة والأولاد والحرب لم يحققوا 
لي هذا الحلم.
وتروي: ماذا عساي أن أقول لكِ عن ذكرياتي المريرة عن الحرب لقد تركنا منازلنا خلال الاجتياح، وحاولنا أن نسكن عن اقاربنا في الجبل شمالي لبنان وأخذنا معنا بعض الفراش البسيط والحبوب، أتذكر صفوف الانتظار لشراء الخبز والماء 
والوقود، عشنا انقطاعا كاملا للكهرباء، أصبح اللبنانيون فجأة أرقام ضحايا الحرب، وللأسف معاناتنا أصبحت أشاهدها في هذا الزمن من حروب مشابهة وتهجير وقتل كما حصل في العراق وسورية واليمن، الحرب صناعها قادة وضحاياها فقط 
المدنيون.
حرب الشوارع
لقد تمركزت الحرب الأهلية اللبنانية في بيروت أكثر من أي مكان آخر، واصبحت الحرب حرب شوارع متداخلة وبنايات متقابلة وأزقة متجاورة، تم احتلال السطوح والطبقات العليا، ومفارق معظم الطرق وناصيات الشوارع، لقد تسّيدت حياتنا صراعات «ميليشياوية» يخوضها شبان الأحياء لا الجيوش النظامية. 
هي ميليشيات كثيرة متحولة في ولاءاتها وتحالفاتها. تبث الفوضى وتفرض علينا لغة 
السلاح}.
 
يوميات الحرب 
وتستذكر {وقت ظهيرة أحد الأيام طبخت لأولادي{ مجدرة العدس} وطرق باب أقاربنا الذين عشنا معهم بجزم أقدامهم كانوا يبحثون عن أبنائنا وازواجنا، رجال لا نعلم من هم، حرب طائفية ومذهبية لا نعلم إن كان جارنا السني أو الشيعي أو الدرزي والمسيحي من يحاول أسرنا، وحين نفينا علمنا بوجود مكانهم قام أحد الشبان الملثمين بقلب الغداء وتفوه بألفاظ خادشة الحياء علينا، كنا نعلم أن هدف الحرب تخريب بيروت ، وتقويض عمرانها، وتمزيق نسيجها السكاني وتهجير 
أهلها}.
 
الحرب الأهلية 
في روايات كتّابها
تشير الحاجة بدرية: {لقد قرأت الكثير من الروايات التي حاول كتّابها وصف وسرد الحرب التي عاشها الشعب اللبناني مثل الكاتب الروائي محمد أبي سمرا، إلياس الخوري، حسن داوود، وفادي الطفيلي لكن صدقيني كل ما كتب عن المكان والدواخل الاجتماعية والتهجير الصامت، لم يستطع الراوي أو الروائي وصف حقيقة معاناتنا وحتى نشرات الأخبار وصور الوكالات لم تقدم حقيقة ومرارة ما عشناه، يقولون الحرب انتهت ولكنها لم تنتهِ لقد تمزق النسيج الاجتماعي اللبناني، فما زال اول كلام يسأل حين نتكلم مع شخص غريب أنت سني لو شيعي}؟.