المواطن وحكاية الدولار

الصفحة الاخيرة 2022/02/22
...

زيد الحلي
أشار عليّ العديد من الأصدقاء، حين أخبرتهم بعزمي الكتابة عن الدولار، في خضم المطالبات بخفضه أمام الدينار العراقي، بعدم الخوض بهذه الجزئية في الظرف الراهن، إذ تاهت الزوارق في نهر الآراء المتعددة، بين مؤيد ورافض، وقد غلبت على تلك الآراء صور المجاملات و(النغزات) حسب طبيعة الميول والتوجهات المعروفة في الشارع السياسي.
من اطلاعي المتواضع، على دراسات مالية واقتصادية رصينة وأكاديمية، ومناقشات مع نخبة من خبراء الاقتصاد، ومشاركات في مؤتمرات متخصصة بالاقتصاد، اقتنعت بأن العودة إلى سعر الصرف السابق للدولار لها تداعيات كبيرة وخطيرة (داخلياً وخارجياً) على مجمل الدورة الاقتصادية في العراق، كونها تربك عمل الأسواق المحلية، وتلغي المكاسب التي حققها سعر الصرف الحالي.
 ورغم النيات الطيبة التي دعت إلى عودة سعر الصرف إلى سابق عهده، ولا شك هي نيات، تهدف إلى كسر سدود ارتفاع أسعار السلع والمواد المتعلقة بمعيشة المواطن، غير أن النتائج في رأيي على المدى المتوسط والبعيد ستكون عقبة كأداء على طريق النهوض الاقتصادي، وفي توفير بنى تحتية صلدة تؤسس لمستقبل واعد، كما تضعف مصداقية العراق أمام 
العالم.
إن الأخبار المتناقضة، والحوارات والطروحات المتباينة التي تنهال على المواطن حالياً، ليلاً ونهاراً في الإعلام، بشأن الدولار و (الحدوتة) التي لا نهاية لها (هل سينخفض أو يبقى؟) جعلت المواطن يعيش قلقاً واضحاً في بيته، وفي محل عمله وعند تبضعه وتزاوره، وهو قلق أخشى أن يؤدي إلى غياب الوعي الذاتي والموضوعي، وبهذا الصدد، يحدوني الأمل أن يصمد البنك المركزي العراقي على موقفه، ونكف عن مناقشة هذا 
الموضوع، ونتجه إلى إصدار قوانين حكومية سريعة مقدور عليها، تبعث الطمأنينة، وتعيد إلى المواطن ما فقده من مورده وراتبه في الفترة المنصرمة، فزيادة مفردات الحصة التموينية وثبات مواعيدها، وزيادة أعداد المشمولين بالرعاية الاجتماعية، والالتفات إلى مئات الآلاف من العاطلين وتخصيص مبالغ ميسرة لهم تعينهم على العيش الكريم، وتفعيل تسعيرة الدواء في الصيدليات، وتوفيره في المستشفيات، وخفض النفقات غير الضرورية للرئاسات والوزارات والهيئات، وغيرها من الأمور المعيشية، هي الأهم في المرحلة 
الراهنة .
لعن الله الدولار!.