سورية.. أزماتٌ اقتصاديَّة

آراء 2022/02/23
...

  صفا محمد
أثقل الحصار الاقتصادي والعقوبات المفروضة على سورية كاهل السوريين وأدخلهم في أزمات معيشية، بدءا من مشكلة الخبز والمحروقات، والتي أحدثت طوابير على الأفران ومحطات الوقود لساعات طويلة، مرورا بأزمة النقل وليس انتهاء بارتفاع أسعار المنتجات الغذائية. 
 
 ومما زاد من اتساع رقعة الأزمة هو خسارة المخزون الاستراتيجي من القمح وحرق الحقول من قبل الإرهابيين منعا لوصول هذه المادة الى الحكومة السورية بهدف تجويع السوريين والضغط على حكومتهم، إضافة الى انتشار وباء كورونا ودخول البلاد في حظر جزئي وشامل. 
مشاعر الخوف التي بدأت تتسرب الى نفوس السوريين من عدم تمكنهم من تأمين متطلباتهم اليومية في ظل انتشار وباء كورونا وارتفاع الأسعار بشكل جنوني خففت من وطأته وزارة التجارة وحماية المستهلك، التي عمدت الى تجفيف منابع المتاجرة من قبل أصحاب النفوس الضعيفة وقامت بوضع آلية تسهل وصول هذه المادة لكل اسرة عبر تشكيل لجان ومتطوعين يتكفلون بإيصالها لكل محتاج اليها، وأصدرت البطاقة الذكية، التي تتيح لحاملها الحصول على عدة مواد منها الخبز والمحروقات والسكر والرز والشاي والزيت، وبدأت بضخ المواد الغذائية على مدار الأيام، سواء في المؤسسات التابع لها ام في الأسواق وبشكل يتيح لكل فرد اقتناء ما يحتاجه، ومع ذلك لم تستطع هذه البطاقة حل الاشكال وبدا المواطنون يدورون في حلقة مفرغة نتيجة قرارات وصفوها بالعشوائية والظالمة. 
ويؤكد مسؤولون في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ان الافران التي تغطي احتياجات المواطنين السوريين وتوزع بينها مادة الطحين تبلغ 1619مخبزا عدا تلك التي طالها الإرهاب، وهذه الافران زاد استهلاكها يوميا ما يفوق الخمسة آلاف طن، كما ويكلف الدولة أكثر من مليار ومئة مليون ليرة سورية يوميا كدعم لمادة الخبز، وهي خسارة تتحملها في سبيل حصول مواطنيها على لقمة عيشهم، ونتيجة الأعباء الثقيلة وصعوبة الحصول على المواد المستحقة، فقد رفعت الحكومة السورية الدعم عن شريحة من الشعب السوري قدرت بنسبة 21بالمئة، ووفقا لهذا القرار يشمل رفع الدعم كل من يمتلك سيارة سعة محركها 1500 س س وتاريخ صنع تبدأ من عام 2009 ومن يمتلك سجلا تجاريا من الفئات 1-2-3 وأيضا كل من هو خارج البلاد، إضافة الى من يمتلك اسهما في منشأة صناعية وأصحاب المقاسم في المدن الصناعية والمساهمين في البنوك وأصحاب المشافي.
 ويعود احتلال الولايات المتحدة الأميركية واستغلالها لمنابع النفط والغاز في الجزيرة السورية وخروج غالبية الآبار عن الخدمة نتيجة الاعمال الإرهابية في مناطق سيطرة الدولة السورية سببا في جعل اكثر من شتاء سوري قارس وبارد على غالبية المناطق السورية، فبعد أن كانت مخصصات التدفئة مفتوحة لدى السوريين أصبحت حصة كل بطاقة من مازوت التدفئة 200 لتر سنويا وزعت بين مراحل، لكن اشتداد الحصار والنقص في التوريدات خفض من حصص هذه المادة واقتصرت فقط هذا العام على 50 لترا لترتفع لاحقا الى 100 لتر، مترافقة معها خطوات اسعافية تمثلت بتعطيل المؤسسات والوزارات والمدارس والجامعات ومحولة 50 بالمئة من وقود الآليات الى وقود للتدفئة،  وتلافيا للازدحام على محطات الوقود فقد نظمت رسائل نصية الى أصحاب الآليات الثقيلة والخفيفة لتعبئة مخصصاتهم من الوقود على مراحل اقلها خلال أسبوع وتصل فقط الى 25 لترا، في حين ترك الامر مفتوحا لمن لم يشملهم الدعم بتعبئة ىلياتهم بسعري 2500 للحر و 3000 للاوكتان 95 وبهذه الخطوات تعتبر الحكومة أنها على طريق إدارة وترشيد الوفر لديها من مادة البنزين والمازوت والغاز. 
 وحسب خبراء اقتصاديين فإن البلاد مقبلة على أزمات متتالية، وقد تكون طويلة الأمد ما لم يتم الإسراع في حل سياسي يرضي جميع الأطراف واستمرار الحلفاء بدعم الحكومة عن طريق ارسال التوريدات بشكل متواتر ومنتظم، والا فقد تذهب القرارات الحكومية نحو رفع الدعم بشكل نهائي.