أدى نحو عقدين من اتباع السياسات النقدية الفاسدة إلى تدمير اقتصاد زيمبابوي، التي عززت التضخم الجامح، ما تسبب في محو مدخرات الشعب مرتين.
وتسبب التضخم الجامح الذي بلغ 500 مليار بالمئة في العام 2008 في جعل المدخرات عديمة القيمة وأدى إلى إلغاء العملة المحلية لصالح الدولار في العام التالي، كما يوضح تقرير نشرته وكالة "بلومبرغ" الأميركية.
وفي العام 2016، قامت حكومة الرئيس السابق روبرت موغابي والتي كانت تعاني من ضائقة مالية بإدخال أوراق مالية عرفت باسم "بوند نوت" مع التمسك بتداولها بقيمة تعادل الدولار.
أما في العام 2018، قامت الحكومة بفصل ودائع النقود (الكاش) عن العملة الإلكترونية في البنوك دون احتياطيات تدعمهم، ما تسبب في انهيار سعر العملة في السوق السوداء (السوق غير الرسمية).
وفي الأسبوع الماضي، اعترفت الحكومة الزيمبابوية بالهزيمة وسمحت لـ"البوند نوت" بالتداول في نطاق المستوى الذي يحدده السوق، ما خفض مرة أخرى قيمة المدخرات.
وجاء القرار بعد أن تضررت الدولة الواقعة في الجزء الجنوبي من قارة أفريقيا، التي تواجه نقصاً بالخبز والوقود من اضرابات واحتجاجات، إلى جانب تعثر محاولات الرئيس إمرسون منانغاغوا في جذب استثمارات جديدة.
وبحسب "ديريك ماتيساك" مستشار الأبحاث بمعهد الدراسات الأمنية في جنوب أفريقيا والذي يتخذ من زيمبابوي مقراً له، فإن السبب في كل ذلك هو أزمة العملة.
وتابع: "هذا أمر مشابه لإنشاء مخطط بونزي عملاق والذي نشأ في ظل قيادة موغابي، ما نراه الآن هو أن مخطط بونزي آخذ في الانهيار".
ومخطط بونزي "Ponzi Scheme" هو طريقة للاحتيال ابتكرها تشارلز بونزي، حيث يتعهد بمنح المستثمرين عوائد مرتفعة للغاية مع مخاطر منخفضة وذلك عبر توفير العوائد للمستثمرين القدامى من خلال آخرين جدد في نظام مضاربي يستمر حتى تنفجر تلك الفقاعة.
«فرضية 1 إلى 1»
وبينما حظيت الخطوة الأخيرة بالترحيب من قطاع الأعمال في البلاد، فإنها من غير المرجح أن تحل مشاكل زيمبابوي لأن كل ما تفعله في الواقع هو أنها تعكس أسعار الصرف في السوق السوداء، بحسب ما ذكره أستاذ الاقتصاد التطبيقي بجامعة جونز هوبكنز في بالتيمور "ستيف هانك".
وقال "هانك" إن الفرضية السابقة بتعادل سعر العملة مع الدولار الأميركي (1 إلى 1) هي بمثابة خيال علمي، مضيفاً أن القرار الأخير يقول رسمياً "سوف نتغاضى عما حدث على أية حال"، ما يعني رسمياً: لقد سرقناكم".
ويبلغ سعر صرف العملة الجديدة بين البنوك نحو 2.5 لكل دولار، حسبما توضح البيانات المنشورة على موقع البنك المركزي. وهذا الرقم ليس ذا معنى كون السلطات تفشل في كشف حجم التجارة، بحسب موقع "ماركت ووتش زيمبابوي" الذي يديره محللون ماليون.
ويقدر الموقع سعر صرف السوق السوداء لـ"بوند نوت" الواحدة عند 3.31 لكل دولار.