اختصاصات المحكمة الاتحاديَّة العليا

آراء 2022/03/01
...

  زهير كاظم عبود
 
افتقرت الدساتير العراقية التي تنظم الحياة الدستورية والقانونية في العراق الى وجود محكمة قضائية تختص بالفصل في النزاعات الدستورية والقانونية ٫ او تختص أيضا بتفسير النصوص الدستورية، وبقيت الأمور تحت رحمة الحاكم او السلطات القابضة على السلطة، حتى قيام النظام الحالي في العام 2003، والسبب أن جميع تلك الأنظمة التي مرت على العراق سابقا لم تكن تسمح بوجود جهة قضائية تتدخل في شكل شرعية قوانينها ومشروعية قراراتها، إضافة الى الهيمنة المطلقة على جميع السلطات رغم الإشارة صوريا الى استقلالية السلطة القضائية. 
وخلال تلك الحقبة كان العراق الحديث بحاجة ماسة لتشكيل هيئة قضائية تأخذ على عاتقها ضمان احترام الدستور باعتباره الوثيقة الأعلى والأسمى في البلاد، وأن تقوم بتقويم المخالفات التي تصدر عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وحين صدر قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، نصَّ في المادة (44) منه على تشكيل محكمة باسم المحكمة الاتحادية العليا، وباشرت عملها تحت هذا التشكيل، الا أنه وبعد صدور الدستور العراقي في العام 2005 تمَّ إلغاء قانون إدارة الدولة، حيث تمت الإشارة الى اختصاصات وتشكيل المحكمة الاتحادية العليا ضمن المواد (92 و 93 و 94 )، وبالرغم من أن الفقرة الثانية من المادة (92) اشارت إلى هيكل تشكيل المحكمة من ناحية عدد القضاة والخبراء وفقهاء القانون وطريقة الاختيار وتفصيل عمل المحكمة، حيث أوجبت المادة المذكورة صدور قانون ينظم عمل المحكمة يتم تشريعه بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب، وعلى ضوء ذلك صدر قانون برقم 30 لسنة 2005، يتضمن قيام مثل هذه المحكمة التي استمرت بعملها، وبرزت خلافات سياسية حول إعادة تشكيل المحكمة بالشكل الذي نص عليه الدستور، وخلافا لتشكيلها الأول، وعلى هذا الأساس تمَّ تشكيل المحكمة من عدد من قضاة الصنف الأول الذين أخذوا على عاتقهم استمرار عمل المحكمة والفصل في القضايا المعروضة أمامه، ولم يسلم تشكيل المحكمة من التصنيف الطائفي والقومي في اختيار القضاة العاملين فيها للأسف، وأصبح الامر لازما وضروريا لإصدار قانون جديد للمحكمة، الا أن التطاحن السياسي والخلافات بين الكتل والأحزاب السياسية لم يتم التوصل الى نتيجة للاتفاق على اصدار هذا القانون، وبقي ضمن القوانين التي يشتد عليها الخلاف كلما يتم طرحه فيتم تأجيله او ركنه حتى اشعار آخر. 
وحيث أن المحكمة الاتحادية العليا تعد من مكونات السلطة القضائية وفقا لنص المادة (89)، الا أنها تعد الجهة القضائية العليا التي تختص بالقضاء الدستوري، وكانت المادة (93) من الدستور أشارت الى اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا وهي: 
1.  الرقابة على دستورية القوانين 
والأنظمة. 
2. تفسير نصوص الدستور.
3. الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية والقرارات والأنظمة والتعليمات والإجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية، ويكفل القانون حق الطعن المباشر لدى المحكمة لكل من مجلس الوزراء وذوي الشأن من الافراد وغيرهم. 
4.  الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية.
5.  الفصل في المنازعات التي تحصل في ما بين حكومات الأقاليم أو المحافظات. 
6. الفصل في الاتهامات الموجهة الى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء. 
7. المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب. 
8. الفصل في تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي والهيئات القضائية للأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم. 9. الفصل في تنازع الاختصاص في ما بين الهيئات القضائية للأقاليم او المحافظات غير المنتظمة بإقليم. 
وتأتي أهمية هذه المحكمة من خلال هذه الاختصاصات ومن خلال اعتبار قراراتها الصادرة باتة وملزمة لكافة السلطات، ولا يمكن الطعن او الاعتراض عليها، ولهذا فإن هذه القرارات تفصل في القضايا التي تقع ضمن اختصاصها، ما يستوجب أن تكون رصينة ومستوفية لجميع شروط الأحكام القضائية، التي ينص عليها قانون المرافعات المدنية وكافة القوانين الأخرى، ولهذا فان ما يتم التعويل عليه ان تتمسك المحكمة باستقلاليتها وان لا سلطان عليها في قضائها لغير القانون، كما لا يجوز لأية سلطة التدخل في عملها او التأثير علي قضاتها في احكامهم وأعمالهم بأي شكل كان.