نحو تصحيح المفاهيم والمعايير

آراء 2022/03/01
...

  حسين الصدر
 
 - 1 -
يبتدعُ الناس العديد من المعايير في العديد من القضايا، وليست هي بالضرورة صحيحة سليمة تتناغم وتتوافق مع المعايير الرسالية.
 
- 2 -
ومن هنا وجب تصحيح هذه المعايير لتكون متطابقة مع مقتضى الموازين الرسالية، ومنسجمة مع المعايير العقلانية والحضارية والإنسانية أيضا.
 
- 3 - 
إن مقياس القوة عند بعض الناس يتمثل بـ:
قدرة القويّ على أنْ يصرع غيره، وقدرته على رفع الأثقال وَحَمْلِها، وهكذا.
أما الإسلام وعلى لسان نبيه المصطفى محمد (ص) فنقول:
{ليس الشديد بالصُرعة} 
ومعنى ذلك أنّ القوي ليس هو الذي يصرع غيره – 
فقالوا:
وما الشديد يا رسول الله؟
قال:
"الذي يملك نفسه عند الغضب"
والملاحظ أنَّ الغضب يُخرج الكثيرين عن أطوارهم فيرتكبون من الأعمال والأقوال مالا يمكن أنْ يقبل بحال.
هناك من يسارع الى العدوان دون روية،
 وهناك من يعمد الى تكسير ما حوله من الزجاج..!!
وهناك من ينفلت بألوان من البذاءة لم تخطر على بال الأبالسة..
وكلُّ ذلك دليل الضعف، فمن لم يتمكن أنْ يملك نفسه لا يصح اعتباره قويّاً.
والمهم أنّ الغضب هو جنون مؤقت، والرجال الأقوياء هم الذين يستطيعون ان يكبحوا جماح غضبهم بالثبات على السكينة والرزانة بعيداً عن الانفلات اللعين، وكل فعلٍ أو قولٍ مُشين.
 
 - 4 -
وقد جاء في التاريخ:
إن النبي (ص) مرّ بقوم يصطرعون فقال:
ما هذا؟
فقالوا:
يا رسول الله:
هذا الصرّيع لا ينتدب اليه أحدٌ الاّ صَرَعَه، فقال:
"ألا أدلكم على مَنْ هو أشدّ منه"؟
رجل ظَلَمَهُ رجلٌ فكظم غيظه فَغَلَبَهُ وغَلَبَ شيطانَه، وغَلَبَ شيطانَ صاحبه"
انّ الذي يصرع الشيطان هو القوي.
وهنا وجّه النبي (ص) الانظار الى مغالبة الشيطان عَبْرَ مكارم الأخلاق التي يتصدرها كظم الغيظ.
 
- 5 -
وجاء في التاريخ أيضا:
إنّ الرسول (ص) مرّ على قوم كانوا يرفعون حجراً ثقيلا 
فقال لهم:
"ما هذا؟
قالوا:
يا رسول الله 
هذا حجر كنا نسميه في الجاهلية حجر الأشداء، فقال (ص):
 "ألا أدلكم على أشدّكم؟
قالوا:
بلى يا رسول الله، فقال:
"أَمْلَكُكُم لنفسه عند الغضب"
إنّ الغضب ينطوي على أخطار كثيرة مِنْ شأنها أنْ تعكر صفو الاجواء والعلاقات بين الناس.
ومن هنا جاء الحث الشديد على التزام الحذر من الوقوع في مطباتِه والانزلاق الى مستنقعاته.
والرسول (ص) – كما هو معلوم – كان يقول:
(انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)
والحِلْم وكَظْمُ الغيظ يتصدران قائمة الاخلاق الكريمة.
وإنّ من المهم للغاية أنْ يتواصل الحديث بيننا بشأن الحفاظ على القيم الأخلاقية، وشحذ الهمم للتمسك بأهدابها حيث أنّ الرقي والتقدم مقرونان بها وكما قال الشاعر:
وانما الأممُ الاخلاقُ ما بقيتْ 
فإنْ همُ ذَهَبَتْ أخلاقُهم ذهبوا 
 
- 6 -
ومن أخطر ألوان الغضب الغضب السياسي ومعه يستسيغ الغضبان أنْ ينسب ما يشاء من التهم والأباطيل الى المغضوب عليهم من الخصوم والمنافسين ويقع الكثير من الأبرياء كبوش فداء لمثل هذا الغضب العارم.
وهنا تكمن الطامة.