الكهرباء الوطنيَّة.. الحاضر الغائب

آراء 2022/03/01
...

   عباس الصباغ 
 
لم تكن وزارة الكهرباء الوطنية بمعزل عن إسلوب المحاصصة التشاركية سيئ الصيت، الذي أديرت به العملية السياسية الجارية في العراق منذ التغيير النيساني المزلزل وحتى الآن، وهو اسلوب سبّب الكثير من الفشل والاحباط الذي رافق الاداء الحكومي، وكان السبب في الفساد الذي استشرى في معظم مفاصل الدولة مع الإتيان بالشخص غير المناسب في المكان المناسب، فقد اعتاد العراقيون على أن يعانوا من مشكلة تردي الكهرباء الوطنية، وتتجلى تلك المعاناة مع ظهور بوادر الصيف وبعد ان يسحب الشتاء اخر ذيوله وبعد أن اعتادوا العيش في "بحبوحة" نسبية خلال فصلي الخريف والشتاء وبعض أيام الربيع، الى أن يحل الصيف القائظ، حين تصل درجة الحرارة الى حوالي نصف درجة الغليان وهذا الشيء معتاد الحدوث في مناخ العراق القاريّ، فتكون المعاناة على أوجها، هذا امر اعتاد عليه العراقيون في فصل الصيف الأشد وطأة عليهم، ولكن في هذه السنة لم يكن هنالك فرق بين فصول السنة وتراتبية المعاناة فيها، وقد كانت مستمرة حتى في فصل الشتاء القارس فتكون دورة المعاناة متصلة مع تجدد المخاوف من امتداد تلك المعاناة مع حلول فصل الصيف القادم، اذا ما استمرت الأسباب والنتائج ذاتها يضاف الى ذلك معاناتهم مع المولدات الاهلية التي تأخذ الكثير من صحتهم وأموالهم، وهي لا تختلف عن معاناتهم من تذبذب "الكهرباء" الوطنية، ويبدو أن الأرقام التي تتحدث عن "جهوزية" الوزارة من حيث انتاج الطاقة الوطنية وأن الصيف المقبل سيكون (باردا) هي أرقام غير دقيقة، الغرض منها التسويق الإعلامي، والا فإنه سرعان ما يتقهقر الانتاج بين ليلة وضحاها وكأن تلك الجهوزية كانت مجرد أضغاث أحلام، والغريب أن وزارة الكهرباء تتحجّج دائما بذرائع لم تعد مقنعة لرجل الشارع في حالات تردي التجهيز، بأن السبب في ذلك هو (الطقس والغاز الايراني) يضاف الى ذلك زيادة الاحمال وقلة ترشيد استخدام الطاقة الوطنية من قبل بعض المواطنين، وهو عذر أقبح من الذنب. 
ملف الكهرباء الوطنية ملف شائك ومشترك بين الوزارة والمواطنين الذين يدفعون ثمن الاخفاق في ادارة هذه الوزارة السيادية المهمة بالالتجاء الى المولدات الاهلية، التي لم تكن البديل الموفّق للوطنية التي يبدو أن لا انفراج قريبا لها، واذا لم تستطع الوزارة ايجاد حل لمعضلة الغاز وأن يتماشى انتاجها مع عوارض الطقس اليومي وإن استمر الاخفاق الى الصيف المقبل، لا بدَّ من التوجه الى تدويل هذا الملف لعلاقته بمتطلبات الاقتصاد الوطني ومعيشة الناس ليأخذ المجتمع الدولي دوره في حل هذه المعضلة التي استمرت لعقود دون حل مقنع.