هل مات النظام الدولي؟

آراء 2022/03/02
...

  د.عبد الخالق حسن
{الحرب عادت إلى أوروبا}. بغير هذا التصريح المقتطع من كلام للرئيس الفرنسي، لا يمكن أن نجد شيئاً يختصر ما يحدث الآن بين روسيا والغرب على أرض أوكرانيا، التي ذهبت ضحية للصراع بين القوى العظمى التي تتحكم بالنظام الدولي اليوم. 
 
هذا النظام الذي وصل إلى مرحلة الانفجار غير المسيطر عليه، خصوصاً مع ما تقوم به أوروبا وأميركا وباقي دول العالم المتحالفة في المواقف ضد روسيا.
لا يهمنا الآن الكلام عن جذور الأزمة التي تسببت بهذه الحرب المتدحرجة ككرة نار قد لا تقف عند حدود أوكرانيا، بل ربما ستتمدد لتشمل جمهوريات البلطيق. المهم هنا هو ما سيحدث لاحقا في دول الأعراق السلافية التي قد تتفجر فيها روح القوميات التي ما زال تماسكها هشاً. وكلنا نتذكر ما الذي حصل لها أيام الحرب في جمهوريات يوغوسلافيا السابقة التي كانت تمثل خليطاً من شرق وغرب أوروبا الثقافي والديني.
فهل ستسمح أوروبا مرة أخرى بعودة الحرب حدودها التي تفصلها جبال الأورال فيها عن دب روسي استفزته منظومة الناتو وهددت أمنه؟. في الظاهر والواقع تحاول أوروبا أن تتجنب تكاليف هذا النمط من الحروب التي قال بايدن إنها لا تتكرر إلا كلَّ خمسة أو ستة أجيال.
إن قرار الحرب بيد الذي يبدؤها، إلا أنه لا يمتلك قرار إيقافها، ومن ثمَّ فإننا قد نكون شهوداً على تصادم روسي - أوروبي ومن خلفهم أميركا، بما يدفع إلى تصدع النظام الدولي، وإعادة بنائه بمنطق سياسي جديد قد يوزع الأقطاب من جديد، بعد أن أثبتت أميركا فشلها في قيادة العالم.
الدرس الأهم في الأزمة الدولية اليوم هو خطأ الاعتماد على فكرة الحليف الخارجي مهما كانت قوته. لأن المصالح الكبرى للدول قد تجعلها تتخلى عن أقرب حلفائها، وهذا الذي حصل للرئيس الأوكراني الذي بدا وحيداً في هذه الأزمة، برغم الدعم الدولي الظاهر، وكان كل ما يملكه في هذه الحرب هو محاولة بث المعنويات بين أبناء بلده، واكتفى بخطوة رمزية ضد حلفائه، حين قام بإلغاء متابعة أغلب رؤساء الغرب من صفحته في 
تويتر.
والشيء الأكثر حزناً وإيلاماً هو منظر  الناس الهاربين من هذه الحرب. نتمنى حقاً، ونحن أكثر من مرّت به ويلات الحرب، أن لا يسقط الكثير من الضحايا، وأن ينتصر السلام ويهزم الحرب.