في الحاجة إلى المعارضة

آراء 2022/03/02
...

  حارث رسمي الهيتي
 
لنظامنا السياسي في العراق كثيرٌ من السمات الواضحة والتي رافقته منذ 2003 وحتى الآن، ومن البدهي أن كلَّ الأنظمة السياسية، خصوصاً في الحالات الشبيهة بحالتنا هذه أن تشهد بعض التجاذبات والاصطفافات قبل وبعد كل انتخابات دورية، الا أن الميزة في العراق هي استمرارها غير المبرر، واستمرارية هذه التجاذبات التي تصل في بعض الأحيان إلى مشاحنات تنعكس على الشارع (اجتماعياً- اقتصادياً- وحتى أمنياً) ساعدت في جعل هذا النظام غير مستقر على 
الدوام. 
الغريب أن هذه المناكفات والاستقطابات السياسية تستمر حتى في أشد لحظاتنا الحرجة، فهي لم تتوقف أيام ما كان العراق يمر بأقسى أيام الاقتتال الطائفي، وبقيت تفعل فعلتها حتى ونحن بأمس الحاجة إلى حكومة قوية تقع على عاتقها مهمة معالجة الانهيار الأمني، الذي ساعد على أن يكون ثلث البلاد محتلاً من تنظيم داعش الارهابي وما رافقها من تراجع حاد في أسعار النفط وما خلفه على الواقع الاجتماعي والاقتصادي. المناكفات هذه رافقت حتى يوم كان شبابنا السلمي المحتج في ساحات الوطن الكثيرة يقتل وينكّل بهم على يد سلاح مجهول إلى الآن رسمياً، وهم يرفعون شعاراتٍ باعتراف الجميع انها كانت شعارات منطقية وغير خارجة عن القانون. 
الآن جوهر الصراع هو أن لا أحد يريد أن يكون خارج السلطة التنفيذية، ليس طمعاً بما تقدمه هذه الأخيرة من امتيازات فقط، بل خشيةً مما يعنيه غيابهم عنها، هذا العرف "التوافقي" الذي تمَّ العمل به في العراق منذ انطلاقة هذا النظام ساعد دائماً على انتاج حكومات غير قادرة على فعل شيء، في لحظة ما يكون الجميع مشاركين في المسؤولية، وفي لحظة أخرى تجد الجميع يهاجم الجميع في السلطة التنفيذية دون أن يتسنى لنا معرفة.
واحدة من سيئات هذا النظام السياسي الذي قارب عمره من العقدين تقريباً انه لم يستطع أن ينتج معارضة حقيقية، معارضة تراقب السلطة التنفيذية حال ما تخطئ او تتراجع عن وعودها التي طرحتها، معارضة تستجوب وتحاسب وتقيل بعيداً عن الصراع السياسي والتسقيط.