المضحك أن العالم يتغير

آراء 2022/03/04
...

 محمد شريف أبو ميسم 
 
 
عادة ما يقع معتنقو الثقافات المستوردة بالحرج حيال المتغير الذي يلحق الضرر بصور المتبنيات في ظل عالم 
متسارع. 
فالذي يعتنقونه اليوم ويدافعون عنه قد لا تنسجم مخرجاته غدا مع منظومة الضمير الجمعي في ظل المتغيرات التي تجتاح العالم، وما يهاجمونه اليوم قد يلوذون بالصمت حياله غدا خوفا أن يتهموا بالرادكالية أوالأصولية وربما التخلف، والذي يتبنونه قد يعانون منه بصمت، جراء عدم انسجام المتغير مع التابوهات التي جبلت عليها أسرهم مثلا، والبعض منهم قد يتغير موقفه، وخصوصا الذين يؤمنون بطروحات المؤسسات الثقافية التي تمولها شركات العولمة، ثم يكتشفون أن وظيفتها تدجين الرأي العام العالمي ومناقلته كيفما تشاء. وثلة منهم قد تتغير مواقفهم جراء طبيعة المستورد الثقافي، فيبدون غير راضين (بمواقف خجولة) عن الكثير من الجزئيات التي أفرزتها أدوات تفوق رأس المال العالمي، أو تلك التي رافقت تدجين هذا العالم على يد “طائفة الواحد بالمئة” التي تسيطر على 80 بالمئة من ثروة هذا الكوكب، وعلى مؤسساته الدولية وأدواته الثقافية. 
وسرعان ما تظهر شخصية معتنق الثقافات المستوردة في بلادنا، على طبيعتها على خلاف ما تدعيه، اذا ما كان المتغير متقاطعا مع ثوابت الوصم الاجتماعي، وخير مثال في هذا التعاطي “بدعة المثلية”، التي تسوّق اليوم في كل العالم بوصفها حقا من حقوق الانسان، حيث شرّعت لها القوانين في أميركا ودول الاتحاد الأوروبي، ويتم الترويج لها في الدول التابعة (المبهورة بمظهر دولة الرفاه)، بدعوى الدفاع عن حقوق أقلية مجتمعية، لأهداف تتعلق بالنظرية المالتوسية التي وضعها الاقتصادي “توماس مالتوس” بهدف الحد من تكاثر السكان بأدوات الحروب والمجاعات والأوبئة والعقم والشذوذ الجنسي، بدعوى تكاثر سكان العالم بمتوالية هندسية ازاء تزايد الإنتاج الغذائي بمتوالية عددية، وهذا ما يفسر أصرار رساميل العولمة التي تقود العالم الغربي وأتباعه، على وضع قوانين لزواج المثليين في أوروبا لتكون مثلا يقتدى به في البلدان التابعة بوصفها طريقة من طرق الحد من التكاثر السكاني، تحت مظلة حقوق الانسان. ولهذا كان الرئيس الروسي مثلا منطقيا وأخلاقيا في نظر البعض، حين تصدى للمثلية في بلاده لأنها تتنافى مع طبيعة الانسان، الا أنه كان مستبدا كما وصفته صحيفة “واشنطن بوست” في تشرين أول الماضي، وتضامن معها “معتنقو الثقافات المستوردة” وهي في معرض انتقادها لمحتوى خطاب شن فيه بوتين هجوما لاذعا على “الليبرالية الغربية”، متجاهلين أن المثلية هي نتاج ليبرالي بامتياز، إذ إن الليبرالية تقوم على الحرية المطلقة وتطالب برفع المحددات حيال هذه الحرية، وصولا للملكية المطلقة بهدف استبدال سلطة الرساميل بسلطة الدولة.