أوكرانيا أزمة الربح والخسارة

آراء 2022/03/04
...

  د. اثير ناظم الجاسور
ليس كل المشكلات لها حل حاسم وليس كل ما هو ساكن سيظل ساكناً.
اليوم العالم أجمع امام أزمة ستتحول إلى مشكلة كبيرة هناك من يحذر من حرب عالمية ثالثة رُسمت وفق ستراتيجيات جديدة من قبل المتصارعين، كل طرف يحاول أن يحقق ستراتيجيته الأمنية ضمن حدود قوته وطموحاته اللامتناهية القابلة للتجدد والتحديث، بالتالي فإن التجدد في خلق مواقف وطرح المشاريع هو ضمن عملية التدرجية في مراحل تطور عمل الدول داخل النظام المتجدد في أحداثه وفواعله
 
إلا أن هذا التنافس بين القوى التي كل منهم يُدرك قوة الآخر لم يمنع من أنها تحاول ضمان مكانتها على حساب الأخرى، بالمحصلة فأنها تلعب على أكثر من ساحة بناء على ضرورات المرحلة اولاً وعلى تراكمات تاريخية إلى جانب تراكمات الربح والخسارة، فعلى سبيل المثال روسيا شعرت بالسابق بالإذلال من جراء ما تعرضت له من هزيمة نكراء بخسارتها مناطق عديدة وحلفاء بعد الحرب الباردة، واليوم تحاول أن تثبت مكانتها من جديد بحجة توسع الناتو الذي بالحقيقة يشكل خطراً كبيراً على أمنها القومي، لا بل حاصرها من كل الجوانب عدا هذ المنفذ الحيوي بالنسبة لها، بالمقابل تحاول أن تثبت وجودها من خلال فرض إرادتها على النظام العالمي والتوجه وفق متبنياتها التي لا تتراجع عنها، نعم نفذت روسيا بوتين وعدها بشن الهجوم على أوكرانيا، وقد تتقدم اكثر في مناطق مختلفة داخل أوكرانيا محاولة منها ان تحقق للعالم أنها القوة التي لا تنكسر، أو اكثر دقة تحاول إثبات إنها لا تزال القطب الشرقي والمنافس القوي الذي لا بديل له في الوقوف بوجه المشاريع الاميركية، لكن الروس بهذا التوجه سوف تسمح بالتالي:
 انتشار قوات الناتو في الأراضي القريبة من أوكرانيا بحجة حماية حلفائها من الخطر الروسي من خلال تنفيذ الفقرة الخامسة من ميثاق الاطلسي.
 تفعيل انتشار الدرع الصاروخي الذي أرّق الإدارة الروسية، الذي بات ضرورة ملحة من انتشاره على أراضي دول الناتو.
 صعوبة الوصول إلى تسوية ترضي كل الأطراف تحديداً روسيا التي سيملى عليها جملة القرارات.
 فرض عقوبات اقتصادية تنهك روسيا او تحاصرها، هذا إلى جانب السؤال حول قدرة روسيا على المطاولة في هذا الجانب.
 سوف يلعب حلفاء الولايات المتحدة دوراً في إدارة هذا الصراع من خلال امداد الحلف بجميع مستلزمات الحلف في المواجهة في حال حصولها.
 الأهم من ذلك سمحت روسيا من اقتراب قوات الناتو أكثر من أراضيها وهذا ما سيعزز التواجد الطويل لهذه القوات بالقرب من روسيا ومحاصرتها أكثر. 
بقراءة الوضع الداخلي الروسي ومحيطه الإقليمي والتوجه الدولي فإن روسيا ستكون في أضيق حالاتها في سياستها الخارجية سواء في قراءتها لتوجهات الدول او من خلال الثقة التي باتت مفقودة من الجهة المقابلة، لن تدوم حالة الزهو الروسية إذا ما إعادة قراءتها للوضع الحالي في أوكرانيا وستعيد ذات السيناريو في أفغانستان عام 1979، وهذا ما يجعلها في موقف لا تحسد عليه إلا في حال حصلت مجموعة من المواقف أهمها:
 دخول الصين على خط المواجهة بعد ضمان استغلال الوضع والتوجه صوب تايوان، فضلاً عن التحرك لبناء تحالف يضمن عودة الأقطاب للنظام الدولي واسقاط فرضية القطب الواحد، إلى جانب تأييد كوريا الشمالية إلى جانب حلفاء الروس في الشرق الأوسط.
 الوصول إلى تسوية صوب أوكرانيا فروسيا تكتفي بمقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، اما الولايات المتحدة تضمن بقية المناطق في أوكرانيا مع إعطاء ضمانات لروسيا بعدم انضمامها لحلف الناتو.
 الاستفادة من الدعم الداخل الأوكراني المتمثل بالانفصاليين والمؤيدين للسياسة الروسية.
 التوجه الروسي صوب مناطق او بالقرب من مناطق لدول في الناتو كورقة ضغط على الولايات المتحدة وحلفائها، والوصول إلى تسوية ترضي الروس وخروج الولايات المتحدة وحلفائها بأقل الخسائر.