(دموع التماسيح)

الرياضة 2022/03/04
...

علي حنون
عندما تختلطُ الأوراق في أروقة مفاهيم تندرج في خانة عدم الاتفاق عليها، فان الاحتكام إلى قرار بعينه غالباً ما يكون غير واضح وربما يُؤسس البناء في جانب اتخاذ القرار بعد ذلك، على أرضية غير صلبة، وبالنتيجة فان ما يُشيّد استناداً على ما تقدم يكون عرضة لخطر الإزالة والركون إلى أمر بعيد عن المُتوقع..الذي جئنا عليه يسير في سبيل عدم الاتفاق بين أعضاء الهيئات الإدارية للأندية في تسمية الوجوه التدريبية بعدما تعتقد أنه دون سواه يتحمل تبعات الإخفاق مع أنها في جُل الأحوال عندما تأتي النتائج إيجابية لفرقها تتقاسم (غنيمة) الانتصار مع المدرب وبقية أعضاء أسرة الفريق وتسعى لتسويق الجهد المبذول لمصلحتها.
وأخالني أن قرار تحميل المدرب وحده - باستمرار- نتائج الهفوات، فيه العديد من أوجه التفكير غير السوي، ذلك أن لمُعادلة كرة القدم أكثر من كفة تتوازن جميعها في ثقل المسؤولية، فهناك وزر الإدارة، الذي يتجلى في تيسير مهمة إعداد الفريق وتقديم الدعم اللوجستي للكادر التدريبي والتشكيلة من أجل الشروع في تنفيذ فلسفة إعداد أمثل، فضلاً عن اختيار المدير الفني، الذي تعتقد فيه جوانب مُميزة في فن التدريب تنسجم وتطلعاتها، ويقيناً أن ذلك يتحقق وفق معايير مهنية فحسب، ومن جانبه تقع مُهمة اختيار الوجوه الأفضل، التي يُمكن أن تقود الفريق لإصابة الجيد من النتائج مع تحديد الواجبات والحقوق على عاتق المدرب، بالإضافة إلى رسم الخطوط العامة والخاصة لأداء قائمته خلال المُباريات، وهذه من أبجديات المسؤولية، التي يفقهها الجميع.
وفي شائع الأمر أن، الذي تطرقنا إليه أمسى، بحكم انتشار الثقافة الكروية بين الملأ، من المُسلمات، التي يدركها حتى الذي يُلم بالبسيط من المعلومة، إلا أن بعض إدارات الأندية تتعمد الابتعاد عن إدراكه، وبينها أعضاء يقفون على إصرار غريب بأن المدرب ينبغي أن يكون الحلقة الأقرب للاستغناء عنها في سلسلة المعنيين بالمشهد في حال الإخفاق، واعتباره ،دوماً، موطن الوهن، الذي يُصيب القائمة بمقتل وبالتالي، فأن عليه (أي المدرب) تقديم كشف حساب عن أسباب التعثر رغم أنهم في (بواطن) تفكيرهم يقرون أن الأخير لا يُمكن أن يكون في كل الأحوال المتصدي وحده للمسؤولية.. واليقين يذهب باتجاه لجوء بعض الهيئات الإدارية لموضوعة تحميل المدرب وزر كُل خسارة، إنما يعكس (دموع التماسيح)، التي تذرف من قبلها نتيجة القرار غير الصائب، الذي تعتمد من خلاله أسماء تدريبية في الأوقات غير المناسبة وهو ما تنتج عنه جملة من القرارات غير الموضوعية ومنها الاستغناء عن المدرب عند تكرار الإخفاق.
وفي غالب الأحيان يبتعد قرار الإدارة في هذا الشأن عن شاطئ الواقع ويقترب من ضفة محاولة التكفير عن سلوكها في تحميل المدرب دون غيره تبعات الخسارة، ذلك أنها بعدم مُساندتها للفريق عند التعثر تلعب دوراً سلبياً في الأمر ويكون للإدارة عندها نصيب من المسؤولية، ولطالما كان الانتصار له أكثر من (أب)، فانه من المنطق أن تقف تحت مظلة الخسارة بقية الأطراف، التي تُشكل أركان كرة القدم، لأنه ووفق هذه الاعتبارات تتحقق العدالة وتتوزع تفاصيلها على الجميع دون أن تكون هناك فاصلة عدم إنصاف في قضية مُهمة تتعلق بإعطاء كل ذي حق حقه.