تموّجات ذهنيَّة

الصفحة الاخيرة 2022/03/04
...

جواد علي كسار
تموّجات ذهنيَّة خصبة ظهرت على سطح الثقافة العراقية العامة وبرزت وسط الطبقة المثقفة، بشأن أزمة أوكرانيا، تستحقّ تحليلات معمّقة.
مبلّغ رساليّ تحدّث عن «المكر الإلهي» بتسميات مباشرة للأطراف، توحي وكأنه شريك لله سبحانه في الإطلاع على غيبه!
واستبشر آخر فبعث لي فرحاً مقالاً؛ عن أن هذه الحرب هي توطئة للسلام العالمي واليوم المهدوي الموعود، ولم يكن دجالاً أو مخرفاً وأنا أعرفه 
كاتباً صادقاً، يضطلع برسالة الكلمة إلى الناس منذ أربعة عقود، لكن هو منهج التطبيق 
الخاطئ لروايات مجملة، وربما أغراه الكلام 
الكبير عن الحرب العالمية الثالثة، ولا سيّما 
الإشارة المضللة لسيرغي لافروف، عن احتمال الحرب النووية!
في مقابل الشامتين، ظهرت صور لبوتين وسط بغداد، ربما في الموقع نفسه الذي رُفعت فيه صوراً لأسلاف له ولأغيار من تجار الدم والخراب، ممن لا يمتّ إلى تربة العراق والانتماء إليه بصلة، فتنفّس عجائز اليسار الصعداء، وشعر متقاعدو الجهاد بالرضا!
ونشر آخر، تحت عنوان: “لا ننسى!” مدوّنة بصورٍ فاجعة لقتلى ودمار الجيش العراقي في حرب الكويت 1991م، موحياً أن الروس في حروبهم ينثرون الورود، عكس الأمريكان!
كثُرت جداول المقارنة بين أوكرانيا وغيرها من البلدان المبتلاة، كاليمن الآن وقبل ذلك أفغانستان والعراق وسوريا، وكأن ظلم شعب أو بلد، يبرّر ظلم الآخرين والعدوان على حياتهم الآمنة!. ثارت أحلام المخيال الثوري وازدهرت بكثافة أمنيات تفكك أوروبا من بعدها أميركا، من دون أن أعرف سرّ هذا التولّع بزوال حياة الآخرين والفرح بخراب بلادهم، ولماذا لا نعرف أن نعيش حياتنا، إلا بدمار حياة الآخر!
ومحلّل عبقري آخر، أفادنا بأن الناتو والغرب وأوروبا يقاتلون عن بطر، والروس عن عقيدة 
ثورية!
أشدّ ما يؤلم، هو العودة المقزّزة إلى أناشيد صدام وأغنيات حروبه القذرة، لكن هذه المرّة في ظلّ الدبكات المدبلجة، الممجّدة بـ «عبد الأمير أبو التين» (فلاديمير بوتين) وكأننا لم نستفد مطلقاً من عواصف الدم، وفتن الحروب والإرهاب التي ضربت هذا البلد خلال عقود.