في الموازنة حياتنا يا أولي الألباب

آراء 2022/03/06
...

   سعاد حسن الجوهري
 
لا أريد أن أضيف على الآراء التي تتساقط من هنا وهناك على السجالات والمناكفات السياسية حول الرئاسات الثلاث رأيا آخر بمقدار ما أرغب أن أعبر عن هواجس دفعتني، لأن أدلو بدلوي في مضمار قريب بعيد عما يجري لكن على صعيد الموازنة المالية الاتحادية العامة للعام الحالي والمجهولة المصير حتى 
الساعة. 
فلا يهمني غياب الحسابات الختامية لموازنة العام المنصرم واختلاف أسعار النفط عن السعر المقر حين التصويت عليها، كون ذلك يندرج ضمن اختصاص أصحاب الشأن والرقابة المالية. لكني حين أطلعت على مخاطر تأخير الموازنة على الاقتصاد الوطني وبلغة الارقام لمست حقيقة الخطر المحدق الذي من شأنه تعريض البلاد والعباد الى هزات وارتدادات قد لا يحمد عقباها ما لم يتم تدارك الامر بالسرعة الممكنة.  
لغة الارقام قالت لي إن “تأخر تمرير الموازنة يتسبب بأضرار اقتصادية كبيرة تتمثل بتوقف الإنفاق الاستثماري والمشاريع الخدمية الأخرى المرتبطة بأبواب الموازنة، ما يتسبب بإعاقة حركة الاقتصاد بصورة شبه كاملة وبالتالي الدخول في منزلقات نحن في غنى عنها”. 
كما قالت لي لغة الارقام إن “هذا التهاون من شأنه أن ببعث رسالة سلبية للمستثمرين في البلاد كون إعادة ترتيب أبوابها سيطلق المشاريع المهمة من الخدمات، إضافة الى إعادة ثقة المواطن بالحكومة وبالتشريعات التي أقرّها مجلس النواب بخصوص المشاريع والقرارات كافة”. 
التحذيرات تستدعي الوقفة الجادة سواء من صانع القرار السياسي او القرار التشريعي والعمل وفق معيار ثابت من الإيرادات المالية ومنها الموارد الداخلة للموازنة من المنافذ الحدودية والموانئ وتطوير هذه المدخلات من أجل دعم الموازنة، وعدم الاعتماد على الايرادات النفطية المتذبذبة باستمرار.
شخصيا ما زلت أعتقد وبثقة عالية أنه وبرغم الظروف التي يمر بها البلد، إلا أن هناك حلولاً تلوح في الأفق وهي حلول مهمة وتطمئن الشارع العراقي على حرص الدولة - بشقيها التنفيذي والتشريعي - عليه من جميع النواحي. 
فالموازنة وكما هو معلوم تندرج بها كل التخصيصات والاستحقاقات لكل المحافظات وإن عدم إقرارها يعدُّ تلكؤاً في حصول هذه المحافظات على حصصها من التنمية والاستثمار، وبالتالي الاسهام بتصاعد وتيرة الغضب الشعبي من تلكؤ المشاريع الاستثمارية والخدمية والتنموية، التي من شأنها النهوض بواقع محافظاتنا كافة، لا سيما في مجالات البنى التحتية والمجاري وإنشاء المدارس والطرق والمستشفيات 
وغيرها.  
أخيرا وليس آخر فإن الاضطرابات الأمنية في الشرق الأوروبي بين روسيا والناتو وغيرها من التحولات قد أسهمت بشكل كبير برفع سعر البترول - ومن بينه العراقي - في السوق العالمية ما يدفع لاستثمار الفرصة من جهة، والتفاؤل بحصول طفرة نوعية في مرونة الموازنة الوليدة ما يصب بصالح الاقتصاد الوطني بنحو كبير من جهة أخرى.