مَن يحمي العالم من العنف النووي؟

الرياضة 2022/03/06
...

علي حسن الفواز
 
الحربُ هي سياسة أخرى، وكلما تضخمت مساحة الحرب، اتسعت معها لعبة السياسة وخياراتها المتعددة، لكن حينما تتحول الحرب إلى خوف نووي، فإن السياسة ستفقد كثيرا من براغماتيتها، وتذهب وباتجاه البحث عن حلول حذرة، وعن مفاتيح واقعية لفكّ المغاليق الصعبة، بدءاً من المفتاح الدبلوماسي، وانتهاء بمفتاح المقايضة السياسية. هذا التوصيف هو خلاصة ما يجري في حرب روسيا مع أوكرانيا، ومع حلف الأطلسي الذي أرعبه التهديد النووي، وأدخل سياساته في لعبة الحسابات المعقدة، والاكتفاء بخيار العقوبات التي طالت كل مفاصل الدولة الروسية، بدءاً من مؤسسات العسكرة إلى مؤسسات السياسة وصولا إلى مؤسسات الرياضة والثقافة والفنون وغيرها، رغم ما لهذه العقوبات من ردود فعل معاكسة، على مستوى التضخم الاقتصادي الذي بدأت تعاني منه أوروبا، أو على مستوى الأضرار الكبرى التي ستتعرض لها أسواق الطاقة والغذاء وقطاعات الصناعة والبنوك وغيرها، فإن السؤال سيظل قائما ومهدداً: من يحمي العالم من الرعب النووي؟
الحذر من الحل النووي يعكس مدى خطورة مايجري، وعلاقة ذلك بالتداعيات التي يمكن أن تؤول إليها تلك الحرب، ومدى علاقتها باستعادة الحديث عن صراعات القطبية السياسية، والهيمنة على أسواق الطاقة، وعلى القرار السياسي الدولي، وعلى طبيعة وجود التحالفات العسكرية وصناعاتها التسليحية وأسواقها، ومنها مايخص التسلح النووي، ووجود الضمانات الدولية لحماية الدول والمجتمعات. المشاركة الدولية في التعاطي مع هذه الحرب، وقرارات هيئة الأمم المتحدة، ومنظمة حقوق الإنسان تعكس واقعا لم يألفه العالم، وبقطع النظر عن التفسير السياسي لقرارات تلك الجهات، فإن العالم أمام انقسام حاد، وأمام تهديد خطير، وأمام سياسات قد تدفع إلى تحالفات جديدة، وإلى صراعات أكثر عنفا، لاسيما مايتعلق بتوسيع دائرة التسليح غير المسيطر عليه، وإيجاد الممرات التي تعني فعلا تقسيم العالم كما يحدث الآن في الشرق عبر طريق الحرير، وعبر التحالف الستراتيجي بين روسيا والصين والهند وباكستان وإيران، وهي دول كبرى وغنية، وقد تصنع لها جغرافيات سياسية وأمنية تنأى بنفسها عن الغرب عن مهيمناته السياسية والأمنية وأسواقه وسلطة عملته المركزية، وقد تبقي عامل السلاح النووي تحت معطف سياساتها الصعبة.