هل سيكون الهجوم الروسي على أوكرانيا بداية لحرب باردة جديدة؟

آراء 2022/03/06
...

 أ.د.جاسم يونس الحريري
 
 منذ عام2017 نشرت {مؤسسة راند} الامريكية ومقرها {سانتا مونيكا} في كاليفورنيا دراسة بعنوان {روسيا والغرب بعد الازمة الاوكرانية:أوجه الضعف الاوروبية جزء من الضغوط  الروسية} من قبل {أف.ستيفن لاراوبي} F.Stephen Larrabee وباحثين أميركان أخرين وخصصت الدراسة لصالح الجيش الاميركي، كشفت أن الضربة  الروسية لاوكرانيا الحالية لم تكن وليدة  اليوم بل لها جذور تأريخية حيث أن ضم روسيا {شبه جزيرة القرم} عام2014 ، ومحاولة زعزعة استقرار شرق أوكرانيا خلق شعورا كبيرا بانعدام الامن والضعف  في أوروبا  الشرقية وهذا الشعور بالضعف يبدو شديدا في دول البلطيق وهي {أستونيا، لاتفيا،  ليتوانيا} نظرا لقرب هذه الدول من روسيا ، واختلال التوازن  الكبير في القوات  العسكرية بين روسيا ودول البلطيق،فضلا عن علاقة روسيا التأريخية بالمنطقة،وأدى  السلوك الذي اتبعته روسيا آنذاك الى ازدياد مخاوف دول البلطيق، حيث تزايدت انتهاكات الحدود،والمجال الجوي ، والمياه الاقليمية بشكل كبير منذ عودة بوتين الى سدة الحكم ، فمنذ منتصف عام 2013 تعرضت طائرات حلف شمال الاطلسي (الناتو)المقاتلة  القائمة على حفظ  الامن،والنظام العام بالمجال الجوي لدول البلطيق لاعتراض سبيلها أكثر من 100مرة.أي ثلاثة  أضعاف ماكان عليه الوضع من عام 2013،واليوم انفجرت  أزمة جديدة من قبل روسيا ضد أوكرانيا بعد مهاجمتها  عسكريا في 24 فبراير2022 لكن ردود فعل المملكة المتحدة  الاتحاد الاوروبي  لم تكن  بالمستوى  المطلوب اذ أكتفت بفرض عقوبات  اقتصادية جديدة تتميز بالصرامة  لمعاقبة موسكو  اقتصاديا لكنهم يقولون  أنهم لن يرسلوا  قوات لكن لم يخفي {جوزيب بريل} منسق  الشؤون الخارجية بالاتحاد الاوروبي خشيته  من الخطوة العسكرية الروسية ضد أوكرانيا بالقول {هذه من بين أحلك ساعات أوروبا منذ الحرب العالمية  الثانية}. ويبدو أن الولايات المتحدة الاميركية نظرت  الى الهجوم الروسي ببرود لكنها تحاول تحريض دول الناتو والدول الاوروبية والغربية  للضغط على موسكو في قضية  فرض  العقوبات الاقتصادية فقد حذر بايدن  القيادة الروسية  أواخر العام الماضي2021 من أن  الكتلة الغربية ستقوم  بفرض عقوبات اقتصادية مشددة  على موسكو في حال تطورت الاوضاع الميدانية في شرق أوكرانيا وحينها قال  بايدن {أن هذه العقوبات ستكون أكبر وأشد من أي عقوبات سابقة تم فرضها على موسكو ويمكن أن تشمل عزل روسيا عن نظام المدفوعات البنكية الدولي، وتقييد صادرات الغاز، والنفط الروسية، ومنع موسكو من تسلم البضائع التي تحتوي على الكترونيات أميركية}، أما الان فان العقوبات  الاوروبية المتاحة تدور حول العقوبات الاقتصادية سواء التي تستهدف الافراد أو التي تستهدف  البنوك والشركات الروسية، فهل هذه الخطوة بداية لحرب باردة جديدة، فالأيام المقبلة لتطورات الازمة الروسية-الاوكرانية ستكشف عن ذلك. 
 
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية