التحرّش الافتراضي

آراء 2022/03/06
...

 حسين المولى
 من بادر القول، إن التطور الرهيب في العالم الافتراضي يجعلنا نتصور تجارب ملهمة وتصورات هائلة يمكن أن نعيشها تارة وتارة أخرى نطمح بالولوج اليها، بسبب الرغبة الإنسانية في الاستطلاع والتجربة، ولكن مع وجود تقنيات الذكاء الاصطناعي وما رافقها من تطورات يكون من الواقع توقع كل شيء
 
 من خلال ذلك ومع تزايد التطبيقات الإلكترونية وخاصة ما يتعلق بالعالم الافتراضي، والدور البارز في وضع نظم عالمية جديدة، وبأفكار خيال علمي وغسقاطها على أرض الواقع، وفي ظل انتشار ما يطلق عليه «عالم الميتافيرس»، فهذا العالم الجديد وبانتقال البشر افتراضيًا إليه، بالتأكيد سيكون مسرح وقائع جرمية جديدا، فهذا التصور الجديد لعالم حديث يستعدي من أن ينظم ولا يترك تحت قاعدة «كُلّ ما لم يجرمه نص فهو مباح»، فلا مجال لترك هذي الأرض الافتراضية مباحة ومتاحة لارتكاب الجرائم، وما يهمنا اليوم هو جريمة التحرش الافتراضي التي تكون بصورة افتراضية وبعالم افتراضي، فالتحرش الالكتروني ما هو إلّا تهديد عن طريق استخدام التقنيات الرقمية، ويمكن أن يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الرسائل والهواتف المحمولة، حيثُ إنه سلوك متكرر يهدف إلى تهديد وإخافة وفضح وإسكات المستهدفين، في حين ان التحرش الافتراضي هو مصطلح جديد ظهر على الساحة سواء الاجتماعية أو القانونية، وهو استخدام منصات افتراضية من أجل التواصل مع شخص آخر بصورة غير لائقة، سواء كان ذلك بتعبير جنسي أو تعابير غير لائقة، والتهديد بفضح الضحية بهذا السلوك، فهو تهديد من اجل الابتزاز الاجتماعي، والأضرار جسديًا، فجريمة التحرش الافتراضي باتت اليوم إحدى مهددات العصر الجديد لما تحمله من تهديد اجتماعي وخاصة في حالة استهداف الأطفال والمراهقين من قبل المجرمين، حيث ساعد هذا العالم الافتراضي المجرمين في سبيل ارتكاب جرائم هو إخفاء الهوية الحقيقية لمرتكبها، مما سهل مهمة العديد من المجرمين في الولوج لهذا العالم بأسماء وعناوين وهمية، والتحرش الجنسي الافتراضي هو بطبيعة الحال مسلك يجب أن يجرم قانونيًا سواء كان هذا في أماكن العمل أو أماكن أخرى، وللتحرش صور عديدة وخاصة في ظل عالم افتراضي يتوفر فيه كل طرق الاجرام، مثل تلقي الرسائل بصورة متكررة أو ارسال الرسائل التي تنطوي عبارات أو صور جنسية، ويكون هذا بوسيلة إلكترونية، وعلى الرغم من قصور القاعدة القانونية العقابية في مواجهة التحرش الالكتروني ومن ثم الافتراضي لدى العديد من دول العالم ومنها التشريع العراقي، باتت العديد من الدول تسلك مسلك إعادة صياغة نصوصها في سبيل شمول النص العقابي لجرائم التحرش الالكتروني، وهذا لا يكفي لوحدة بل يجب أن يكون للمشرع توجه تجديد لمواجهة التحرش بصورة افتراضية في عالم الميتافيرس، كما يجب أن تقدم الشركات التقنية أيضًا حلولها التِقنية في سبيل مكافحة هذا النوع من الجرائم، وحسنًا فعلت شركة ميتا في سبيل مواجهة التحرش الافتراضي عبر اضافتها لنظام «الحدود الشخصية» في تجارب الواقع الافتراضي Horizon، بهدف وقف التحرش، وذلك من خلال حاجز افتراضي غير مرئي حول الصور الرمزية، مما يمنع الآخرين من الاقتراب أكثر من اللازم، فهذا العالم لا وجود حقيقي للإنسان فيه ولا الكتروني بل بصورة معنوية حُكمية، أو ما يطلق عليه avatar، وهذا ما يجب أن تلتفت له التشريعات بصورة عامة والعراقي بصورة 
خاصة.