اللبنانيون يعيشون في ظل شح القمح والمحروقات مجدداً

الرياضة 2022/03/07
...

 بيروت: جبار عودة الخطاط 
 
اللبنانيون الذين ما برحوا يتجرعون الأمرّين جراء تفاقم الأزمات الاقتصادية غير المسبوقة، التي جعلت عملتهم الوطنية تقبع في قعر الحضيض، جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتزيد مستنقعهم الحياتي الموحل طيناً ولزوجةً، وباتت البلاد على شفير كارثة حياتية عبثاً تحاول الحكومة الخروج من شرنقتها المؤلمة. ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا أطلق تحذيراً كانت له أصداء مقلقة بقوله: "ليس هناك مخزون للمحروقات في لبنان لأكثر من أربعة أو خمسة أيام"! بينما تطل أزمة أخرى لها علاقة بالحرب الأوكرانية هي أشد وقعاً تتصل بالأمن الغذائي للبنانيين هي أزمة القمح. 
وأضاف أبو شقرا أن "وزارة الطاقة تعذر عليها إصدار جدول أسعار المحروقات وفق الارتفاع العالمي لسعر النفط"، هذا التصريح سرى كالنار في الهشيم فتهافت المواطنون على محطات تعبئة الوقود في شتى المناطق اللبنانية منذ صباح أمس الأول السبت، وما زالت الطوابير تتصاعد أمس الأحد، والكل يسعى لتعبئة سيارته في حين أقفلت بعض المحطات وأسدلت خراطيمها بدعوى نفاد الوقود لديها، بدوره أشار رئيس تجمّع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس إلى أنّ سوق المحروقات يمرّ الآن بوضع استثنائي جدّا وغير مسبوق، نتيجة للحرب الدّائرة بين روسيا وأوكرانيا. ورجّح شماس أن " تشهد السوق شحاً في الوقود خلال الشهر  الحالي، والسبب صعوبة إيجاد الأسواق البديلة، إذ إن هناك كميات كبيرة من النفط تصل إلى لبنان من روسيا ومن البحر الأسود". لكنه بالمقابل أكّد أن "الشركات المستوردة للنفط عقدت ولا تزال اجتماعات أزمة متتالية مع وزارة الطاقة لتدارك الأوضاع، ولتأمين استمرارية السوق وعمليات الاستيراد إلى لبنان عبر أسواق بديلة". 
وشدّد في هذا السّياق على " أن عمليات الاستيراد محصورة حالياً في تأمين الحاجة للاستهلاك فقط، نظراً إلى الانعدام التام لإمكانية تخزين البضاعة لأن الأسعار والأسواق العالمية لا يسمحان الآن بذلك"، وعن بورصة أسعار المحروقات التي باتت في مهب المخاوف، عدَّ شماس أنّه" لا يمكن التوقّع إلى أي مستوى يمكن أن تصل أسعار المحروقات عالمياً، وإذا ما كانت ستنخفض أو ستتابع الارتفاع"، وتابع أنه " لا يوجد لدى الشركات المستوردة مخزون ستراتيجي مبني على أسعار سابقة"، غير أن الاتحاد البترولي اللبناني كانت له رؤية أخرى، فهو في الوقت الذي يقر فيه بوصول تأثيرات الحرب الأوكرانية إلى لبنان لكنه قلل من غلواء التوقعات التي تثير الرعب في أوساط اللبنانيين بإصداره بياناً جاء في جانبٍ منه: "في ظل الوضع المتأزم دولياً والصراع القائم بين روسيا وأوكرانيا تصدر في لبنان بعض التصريحات غير المسؤولة، التي تؤدي إلى حالة من الهلع وتهافت المواطنين لتأمين المستلزمات الضرورية ومنها مادتا البنزين والمازوت".
وتابع بالقول: " إن الحرب الدائرة وانعكاسها على أسعار النفط عالمياً وعلى حركة وصول البواخر المحملة بالمشتقات النفطية، وجزء كبير منها يصل عبر البحر الأسود ومن مناطق النزاع الدولي، ونحن كاتحاد بترولي نعمل في هذا القطاع، نؤكد للمواطنين أن هناك أزمة…ولكن هذه الأزمة إلى انحسار لأن البواخر المحملة بالمشتقات النفطية سوف تصل تباعاً اعتباراً من الأسابيع المقبلة وستقوم بإفراغ حمولتها فور الانتهاء من عملية فتح الاعتمادات اللازمة من قبل مصرف لبنان، وأضاف الاتحاد في إشارة تطمينية أنه "لحين وصول أول باخرة، يوجد مخزون لدى الشركات يكفي السوق المحلية ويتم التوزيع بطريقة 
مدروسة" . 
وبرغم ذلك فإن التهافت على محطات الوقود ما زال سارياً، لأن الأزمات - كما عبر أحد اللبنانيين لـ«الصباح» صارت جزءا من (العيلة اللبنانية وهي مش غريبة عنا).. هي  تأكل وتشرب معنا وتأخذ أكثر من مستوى، لتقتات على أعصابنا!. أما وزير الثقافة اللبناني القاضي محمد وسام المرتضى، فحاول عبر تغريدةٍ له على حسابه عبر تويتر الإسهام في تخفيف حالة القلق بقوله:  "لمن يسأل: لا أزمة بنزين، هناك محاولات لافتعال أزمة وإدخال الناس في حالة هلع"، مضيفاً "لا داعي للتهافت أمام المحطات. البواخر في البحر محملة بالمادة والتفريغ الثلاثاء على أبعد حد. محاولة بائسة من بعض التجار الجشعين "لأكل لحم" المواطنين اللبنانيين"، 
أزمة أخرى لعلها الأشد وقعاً على اللبنانيين، إذ تمس الأمن الغذائي في الصميم، تتمثل في شح القمح واحتمال فقدان الطحين جراء الأزمة العالمية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، وفي هذا الصدد أكد وزير الزراعة عباس الحاج حسن أمس الأحد "أن الوزارة ستعمل على منع تصدير المواد الزراعية وغيرها في محاولة لمنع تفاقم الأزمة مع استمرار الحرب في أوكرانيا"، مضيفاً أنه "أول الداعمين لقرار زراعة القمح الطري في لبنان لتأمين القوت اليومي للبنانيين"، وشدد الحاج حسن على أن "التفاوض مع صندوق النقد الدولي يسير بشكل سريع، أملاً في أن يتم الاتفاق قبل الانتخابات النيابية المقبلة ليتبرهن للجهات المانحة مدى جدية لبنان".