في ذكرى الانتفاضة

آراء 2022/03/09
...

  سعد العبيدي 
 
 لقد استهان صدام بالحال النفسية لغالبية الشعب العراقي، بعد حربين متتاليتين، الأولى مع إيران والثانية مع تحالف دولي، عدتا معاً حروبا أنهكت العراق دولة كانت مقبولة، وأتعبت المواطن كإنسان كان الى حد ما متوازناً قانعاً بالحال، وتحول بسببهما وعوامل أخرى إدارية واقتصادية الى إنسان متعب، مهموم، غير راض. لكن صدام الحاكم الدكتاتور المتسلط، لم يعر اهتماماً لذك التحول، ولم يسع الى حل المشكلات، ولم يسمح بالترويح لتبديد الانفعالات الناتجة عن المعاناة، فتحولت أي المعاناة الى مكبوت انفعالي تخزن في خلايا العقل، تعامل معه والإنسان وكأنه آلة بلا مشاعر، لم يحسب حساب المكبوت، وقدرته على تحريك السلوك وتغيير الاتجاهات. 
لقد امتلأ وعاء الكبت لعموم العراقيين خاصة في الوسط والجنوب، ومثلهم امتلأ لعموم الأكراد وباقي المكونات، وفي النظريات النفسية يشار الى حتمية خروج المكبوت بصيغ متعددة بينها التمرد والعنف، عندما يجد الانسان فرصاً مناسبة لإخراجه، وقد وجد انسان ذلك الزمان الفرصة يوم ضعفت سلطة صدام إثر خسارته المهينة في حربه مع التحالف الدولي عام (1991)، وبدأ تمرده بإسقاط سلطة الدكتاتور في جميع محافظات الوسط والجنوب، وكذلك المحافظات الكردية، ومع هذا لم يتمكن المنتفضون الثائرون في الجنوب من استثمار الفوز في انتفاضتهم، وإحكام السيطرة على مدنهم، ومناطقهم كما فعل الأكراد، بسبب العوامل الدولية التي فرضت حمايتها على المناطق الكردية، وأطلقت يد صدام في الوسط والجنوب، وكذلك بسبب ضعف التنظيم أو بالأحرى عدم وجود تنظيم سياسي، مؤهل لقيادة الجماهير المنتفضة، إضافة الى الرغبة الشخصية في الاستئثار. 
وعلى وجه العموم فإن الانتفاضة وعلى الرغم من عدم نجاحها في اسقاط النظام الحاكم، لكنها تركت من الآثار كماً يستحق المراجعة في كل سنة تمر ذكراها، ويستحق التنبه عليه من رجال السياسة والحكم، وعدم الاستهانة بالإنسان، وبمقادير الانفعالات الناتجة من المعاناة، والشعور بالحيف، وانتشار الفقر بين السكان.