كم بسماية نحتاج؟

آراء 2022/03/09
...

  ابراهيم سبتي
 
يُعدُّ مشروع مدينة بسماية السكني، أكبر وأضخم مشروع تنموي سكني في العراق. وهو بمثابة مدينة سكنية يناهز عدد ساكنيها أكثر من 
(600 ) ألف نسمة، وهو عدد ربما يساوي عدد سكان بعض المحافظات العراقية مثل محافظة المثنى كما 
أعتقد.  المشروع أشرفت عليه هيئة الاستثمار ونفذته إحدى الشركات الكورية، التي تمتلك خبرة في هذا المجال وبمواصفات عالمية متبعة في كثير من الدول. إنه مشروع واعد وحضاري لتغيير الواقع السكاني في بغداد المكتظة، والتي تعاني منذ زمن بعيد من الزحمة وأزمة السكن. إنَّ هذه المبادرة ستؤدي حتما إلى تقليل الزخم والتجاوز على التصميم الأساسي لمدينة بغداد، التي باتت تمتد إلى مسافات ومساحات كبيرة ومتباعدة.  وهو بالتالي سيفك الاختناقات الحاصلة بعد ازدياد عدد الأسر، التي تنشطر على نفسها داخل البيوت المحدودة المساحة اضافة إلى حيرة الأسر الجديدة في إيجاد سكن مناسب لها يليق بعصرية الحياة والتطلعات نحو الأفضل. من هنا أقول لو نُفذ هذا المشروع الكبير في بعض المحافظات العراقية الأخرى التي تحتاجه فعلا، ربما سيكون إنقاذا لها في احتواء الزخم المتواصل الحاصل من الزحمة السكانية التي تعاني منها. ويمكن أن تستوعب كل محافظة تعاني من الاكتظاظ، مشروعا واحدا وبمواصفات مشروع مدينة بسماية السكني نفسها، سنرى أن أزمة السكن ستنتهي إلى الأبد وستصبح عنوانا لمرحلة سابقة من تاريخ كل مدينة وستنتهي المعاناة معها. 
إن فكرة مشروع مدينة بسماية التنموي، جاءت بعد الحاجة الملحة لها، لا سيما أن أزمة السكن وصلت ذروتها وما عادت بغداد تستوعب المزيد، والتي أدت إلى ضرر بالغ في البنى التحتية ومستويات التنظيم في المخطط الرئيس للمدينة. والملاحظ أن سبع سنوات من المدة الزمنية المثبتة لإنجاز المشروع، يمكن أن يتحملها المواطن، لكي يحصل على وحدة سكنية تليق به وبأسرته، ويتخلص بعدها من مضاربات بيع وشراء العقارات وأهواء المتاجرين بها، ما يحرم الكثير من الأسر من الاقتراب منها، لعدم امتلاك الامكانية المادية التي يعاني منها الكثير. 
فيكون كل مواطن قد وجد ما يبحث عنه حتى لو اضطر للانتظار لانتهاء المشروع طالما في النهاية سيحصل على مبتغاه. أعتقد أن تكرار فكرة المشروع في بعض المحافظات التي تعاني من الزخم السكاني، قد يخلصها حتما من مشكلة أزلية باتت تؤرق الأسر، وهي أزمة الحصول على سكن يحفظ لها كرامتها ويؤمن لها مستقبلا مستقرا خاليا من المؤثرات النفسية والاقتصادية. هي فكرة تستحق الدرس لأنها ستؤدي إلى نقلة عصرية مريحة في حل مشكلة باتت مرتبطة بحياة المواطن منذ أزمان بعيدة. وأعتقد أن فكرة الاتفاق مع الشركة العالمية نفسها أو شركات أخرى بديلة، ستؤدي إلى سرعة التنفيذ بالمواصفات المتبعة في مشاريع عالمية مشابهة. حتى أن صورة المدن ستتغير من فوضى البناء والعشوائية، إلى منظر جميل منظم ومرتب مريح للنفس والتفكير. إنها مناشدة يمكن أن تنقل الواقع السكني العراقي من منطقة الظل والعناء والأزمات إلى منطقة النور والضياء. ولا يشترط أن يكون مشروع المحافظات بالمساحة المنفذة نفسها في مدينة بسماية القريبة من بغداد، ما يعني ستكون الحاجة هي التي تحدد المساحات وأعداد الوحدات السكنية في البناء العمودي وحسب حاجة المدن التي تراكمت أزماتها منذ سنين.  إنها فكرة واقعية وليست مستحيلة طالما تتوفر الرغبة والامكانية وعوامل التنفيذ التي ستنجز المشروع، الذي سيحظى بقبول المواطنين وجعلهم ينظرون إلى المستقبل بنظرة أمل وبوجوه مبتسمة.