العراق وغزو روسيا لأوكرانيا

آراء 2022/03/09
...

  عبد الحليم الرهيمي
مع تصاعد حدة ومسار الصراع الروسي – الغربي على الأرض الأوكرانية وانشغال العالم بتطوراته وآفاقه، يتساءل كثيرون عن موقف العراق أزاء ذلك والذي أصبح يقدم نفسه في المرحلة الأخيرة أنه دولة محورية في المنطقة ومعني بتطوراتها، وأنه يمثل محور تلاقي وحوار ومصالحات بين المتصارعين والمختلفين.
 
كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكثر المتحدثين عن صراعه وبلاده مع أوكرانيا وحلفائها الغربيين: الولايات المتحدة والدول الأوروبية الرئيسية، وكذلك حديثه عن اهداف ومبررات الصراع السياسي والدبلوماسي، الذي انتقل بدءاً من 23 شباط الماضي إلى غزو عسكري لأوكرانيا، لكن كلامه الأوضح عبر عنه في الأيام الاخيرة بالقول: إن أهداف روسيا من الصراع مع أوكرانيا والحرب ضدها (ستتحقق بالمفاوضات أو الحرب) ولاختلال ميزان القوى العسكرية لصالحها فإن تحقيق نتائج وأهداف الغزو بالمفاوضات هو كلام غير واقعي وللاستهلاك المحلي والخارجي على حد
سواء .
هذه الحرب الإقليمية – الدولية على الأرض الأوكرانية، لن تتحول إلى حرب عالمية واسعة، الأمر الذي يعبر عن ذلك الحذر الأميركي والغربي من التدخل العسكري المباشر.
كذلك أن هذه الحرب لن تتحول إلى حربة نووية، رغم التهديد المباشر والمبطن لبوتين بإمكانية ذلك، ذلك أن جميع الذين لديهم السلاح النووي يدرك باستحالة استعماله لأنه تدمير للجميع دون استثناء ولن يقتصر ضرره وإيذاءه على طرف دون 
آخر .
ولأن هذه الحرب مفتوحة على جميع الاحتمالات باستثناء أن تكون عالميَّة او نوويّة، فإنها تبقى مرشحة لأن تطول وتكون حرب استنزاف لروسيا وأرضا جاذبة لمسلحين من مختلف دول العالم .
ما هو موقف العراق إذاً من هذه الحرب؟ 
إن منطلق الموقف المطلوب هو الوقوف ضد المعتدي وهي روسيا ومع المعتدى عليه أوكرانيا وشعبها، وبصرف النظرعن علاقات العراق الجيدة مع معظم أطراف الصراع. 
وهذا يعني ويتطلب عدم الصمت واتخاذ الموقف الملائم، الذي لا يدين علناً – ابتداءً – الموقف الروسي، بل يعدّه (غير مقبول) و(غير جائز)، ويدعو بقوة لوقف اطلاق النار لتوفير ما يمكن توفيره من شروط الحد الأدنى لنجاح المفاوضات.
العراق غير شريك بهذه الحرب وصراعاتها لكنه معنيٌّ بها لأنها تؤثر به، كما تؤثر بأشكال عدة بكل دول العالم، ومعظم الداخلين او المعنيين بها يمتلك العراق علاقات جيدة معهم، وهو لا بدَّ أن يتأثر بمواقفه بتطورات هذه الحرب، الأمر الذي يتطلب ويوجب صياغة سياسة متزنة وصائبة مع المعتدى عليه وضد المعتدي، لكن بكلمات وصياغات ومواقف دبلوماسية وسياسية مناسبة قبل تبلور مواقف أوضح.