ارتفاع الأسعار.. لا ضحيَّة غير المواطن

ريبورتاج 2022/03/15
...

  سها الشيخلي
  تصوير: خضير العتابي
أسهمت أحداث عدة في زيادة القلق والتوجس، في تهديد الأمن الغذائي وارتفاع أسعار المواد الغذائية الرئيسة، ليس في بلدنا فقط، بل في بلدان العالم كله بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية، والتغيرات المناخية هذا بالنسبة للعالم، اما محليا فعلى كل ما تقدم هناك أسباب خاصة، منها ارتفاع سعر صرف الدولار وعدم تشكيل الحكومة. 
أزمة المياه
تحدث لـ"الصباح" الوكيل الإداري لوزارة الزراعة الدكتور مهدي سهر الجبوري عن المياه كونها العنصر الأساسي في العملية الانتاجية للقطاع الزراعي، والبقاء على الأمن الغذائي وخاصة بالنسبة للعراق، حيث منابع المياه تأتي من الخارج من تركيا، مرورا بسوريا بالنسبة لنهر الفرات، ودجلة ينبع من تركيا، وهناك عدة روافد وأنهار تأتي من الجانب الإيراني، وهذه المياه بحاجة إلى اتفاقيات دولية وإلىى الآن لم يتم التوصل مع تركيا إلى اتفاق كدول متشاطئة وتقاسم الحصص المائية المتوفرة، والتوجهات الحالية بأن يكون تقاسم المنفعة والضرر مع تركيا لنهري دجلة والفرات، وهذا بحد ذاته سيكون عاملا لتدفق المياه إلى العراق.
والوفد المفاوض العراقي والمفروض أن يكون في أعلى المستويات وليس فقط على وزارة الموارد المائية، وإنما يكون بحضور رئيس الوزراء، إضافة إلى وزارة كل من الزراعة والموارد المائية والخارجية للتنسيق في هذا الموضوع الحيوي والمهم، والحصول على ضغط دولي والمنظمات الدولية العاملة المهتمة بالقطاع الزراعي بالضغط على الجانب التركي للتوقيع على اتفاقية تقاسم المنفعة والضرر، خاصة أن استيرادات العراق بمبالغ كبيرة من السلع الزراعية والصناعية، وبالإمكان استخدامها كورقة للتفاوض مع الجانب التركي،   وفي إدخال الشركات التركية في عملية استصلاح الأراضي، وإدخال تقنيات الري الحديثة، ما يوفر لنا تحديث ادارة الري في العراق لتقليل  استخدام المياه من 40 إلى 60 %، وهذا سيكون مكسبا للعراق من حيث الانتاجية وتقليل استخدام مياه الري الموجودة. 
ويلفت الجبوري الى أنه "كانت عدة اجتماعات ناقشت ملف المياه، خاصة الاجتماع الأخير الذي استضافته بغداد في مؤتمر الفاو في الدورة (36) والخاص بمنطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا بتاريخ 7- 8 شباط 2022، والذي أقرَّ من ضمن التوصيات للاجتماع الوزاري بالتحديات الناجمة عن الممارسات غير المستدامة، التي تؤدي إلى انتشار تدهور الأراضي والمياه، وخسارة التنوع البايولوجي واستنزاف الموارد المائية والبحرية، وموجات الجفاف تتفاقم بفعل تغير المناخ". 
ودعا إلى الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، ولدينا المؤتمر الذي يقام في بغداد وهو (المؤتمر الدولي الثاني للمياه)، وهذا يهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة للمياه والتنسيق مع دول الجوار المتشاطئة، اضافة إلى مناقشة التغيرات المناخية، وبدأ الاجتماع يوم 5و6 و7 اذار 2022 وحصيلة هذين المؤتمرين تتطلب تشكيل وفد عالي المستوى، للضغط على الجانب التركي واقرار الاتفاقية الدولية للدول المتشاطئة على نهري دجلة والفرات. 
 
الأمن الغذائي
أكد مستشار وزارة الزراعة الدكتور مهدي ضمد القيسي في حديثه لـ"الصباح" إن الأمن الغذائي من وجهة نظر المختصين يتحقق من خلال المنتج الوطني، لذلك إذا كان البلد فيه نهضة زراعية سوف تكون الأزمات سواء كانت اقتصادية او حروبا او غيرها ستكون خفيفة، مقارنة بواقع الحال الذي نعانيه الآن، وقد سبقت الحرب بين روسيا واوكرانيا تغيرات مناخية والانحباس الحراري، ودعوات المنظمات الزراعية ومنها منظمة (الفاو) منذ عام 2015، وكررتها في عام 2021 ومن وجهة نظري الشخصية، نعم ارتفعت أسعار النفط، ولكن هذا الارتفاع سوف لا يكون مجزيا، حيث سيذهب إلى المواد الغذائية وغير الغذائية، لذا أجد أن هذا الارتفاع هو (وهمي)، لأن أغلب موادنا مستوردة، لذلك لم نكن متفائلين بهذه الزيادة. 
ولفت القيسي إلى أن "لو كانت لدينا قاعدة زراعية ونهضة للقطاع الزراعي بالتأكيد سيكون واقعنا الحالي يختلف، مع أننا في فترة من الفترات اكتفينا من محصول الحنطة قبل ثلاث سنوات، وبموجبها التجارة لم تكن تستورد، علاوة على أننا حسنا نوعية أصناف الحنطة بجهود باحثينا وخبرائنا، تحديدا في دائرة البحوث الزراعية، لذلك أصبح الرغيف عالي الجودة والمسؤول عن الاستيراد هي التجارة، وتستورد من كندا واستراليا وأميركا، وسوف تستورد (مليوني طن) من الحنطة، ولكن القطاع الخاص يحتاج (طحين الصفر)، وكان الحل أن يستورد القطاع الخاص حنطة طحين الصفر، بدلا من طحين الصفر لتغطية ثلاثة أمور، وهي الاطمئنان من سلامة طحين الصفر، ونستفيد من النخالة كأعلاف للثروة حيوانية، وتشغيل الأيدي العاملة، والمطلوب الآن تشكيل لجان فنية تخصصية تضم خبراء من الوزارات (الزراعة، الموارد المائية، التخطيط، المالية، التعليم العالي، وخبراء القطاع الخاص)، للنظر في خطط الوزارة المقدمة للتنفيذ الفعلي لتطوير القطاع الزراعي، كونه محركا للأمن الوطني والصحي والبيئي والاجتماعي، والظرف الحالي هو أكبر من انخفاض سعر النفط، ومن كورونا ومن التغيرات المناخية، ويجب إعطاء دور للمختصين لتنفيذ خطط 
الوزارة. 
 
إنتاج الحنطة
تحدث لـ"الصباح" الناطق الرسمي لوزارة الزراعة الدكتور حميد النايف حيث قال: لا شكَّ أن تقليص الخطة الزراعية إلى 50 % كان محبطا للآمال، كونه يجعل انتاج الحنطة متدنيا لهذا العام، ما يؤدي إلى عدم تأمين الأمن الغذائي للمواطن، وبالتالي تقوم وزارة التجارة باستيراد الحنطة، ونستورد من دول كندا واستراليا وأميركا، وبالنسبة لروسيا وأوكرانيا نعم أنهما من الدول المتقدمة بانتاج الحنطة، ولكننا لا نستورد منهما نظرا لوجود إصابات مرضية وحشرات احيانا في الحنطة الروسية والأوكرانية، بينما نحن نستورد من دول ذات كفاءة وجودة عالية، وبعض الدول بدأت تستورد من تركيا وأوكرانيا وروسيا لانخفاض أسعارها عن الأسعار العالمية، والشحن يكون أبسط أيضا، والعراق لم يستورد حتى الن الحنطة، وما زالت موجودة في السايلوات قد تكفي لفترة معينة، ولكن حسب وزارة التجارة فأن لديها خططا للاستيراد من الدول التي أشرت اليها، وإن هذه الازمة يجب أن تكون جرس إنذار للحكومة، وأن تقوم بتأهيل القطاع الزراعي ودعمه، وأ نأخذ الدرس من هذا الظرف".
وطالب النايف الدولة بدعم الوزارة لتؤهلها بزراعة سبعة ملايين دونم حنطة، وبذلك نقضي على شح الحنطة واستيرادها، أما عن عدم توفر الماء، فأشار إلى أن "هناك عدة طرق لتوفيرها وأهمها بطرق التقنات الحديثة، وفي الصيف يجب أن ندعم الرز والذرة الصفراء، والمياه ممكن توفرها عبر تنقية مياه المبازل والطمر الصحي. 
 
ارتفاع الأسعار
تحدث لـ"الصباح" المهندس مالك عبد الله مطلك معاون مدير عام دائرة الرقابة التجارية في وزارة التجارة عن ارتفاع الأسعار وقلق المواطن جراء ذلك، حيث قال: في الآونة الأخيرة شهدت بعض المواد الاستهلاكية ارتفاعا في أسعارها، ومنها مادتا الطحين وزيت الطعام، ويرجع السبب في ذلك إلى مجموعة عوامل، منها ارتفاع الأعار العالمية للمادة الخام التي تصنع منها، وهي محصول القمح والمحاصيل الحقلية بإنتاج الزيوت، وطبعا هذا الارتفاع جاء نتيجة لعدة أسباب، منها موجة الجفاف التي اجتاحت أغلب دول العالم بسبب الاحتباس الحراري، وكذلك جائحة كورونا التي تسببت بتعطيل أغلب المؤسسات المعنية بإنتاج وتصنيع تلك المواد، كذلك كان للحرب الروسية الاوكرانية في الفترة الاخيرة الأثر الواضح على ارتفاع الأسعار، كون البلدين من البلدان المنتجة والمصدرة لتلك المحاصيل".
ولفت إلى أن "وزارة التجارة ملتزمة بتجهيز عشر حصص من مادة الطحين في عام 2021، وتمَّ الانتهاء من تجهيز الحصة الثانية لهذا العام، كذلك تمَّ تجهيز ست حصص من مفردات السلة الغذائية للعام الماضي، وتجهيز السلة الاولى لهذا العام، والشروع بتجهيز السلة الثانية خلال الأيام المقبلة، ونحب أن نطمئن المواطن الكريم أن الوزارة مستمرة بالتجهيز، وإن أغلب المواد متوفرة في مخازن الوزارة، علما أن المبالغ المخصصة للبطاقة التموينية من وزارة المالية تكفي لتجهيز كل الحصص، وهي مستمرة بمراقبة أسعار المواد الغذائية في الأسواق المحلية، وتقوم دائرة الرقابة التجارية والمالية بزيارات  متكررة مع جهاز الأمن الوطني ومديرية الجريمة المنظمة إلى تلك الأسواق، لمنع تلاعب تجار الأزمات في رفع الأسعار، ومنع تهريب تلك المواد او احتكارها.