شارع المتنبي يلبس ثوب الحياة

الصفحة الاخيرة 2022/03/16
...

 بغداد: نوارة محمد
اقتربت الفتيات بخطواتٍ متلاصقة، يلتقطن "سيلفي" قِبالة نهر دجلة، نسمات الهواء تُزيل عن وجوههن خصلات شعرهن، والإنارة تبرز لمعة وجوههن، والمكتبات زينت شارع المتنبي ليلاً هذه المرة، مررن بها وبدأ الجميع يبحث عن ذاته بين رفوفها، والمقاهي تحيط الشارع والأغنيات التي تبثها تجدد فيه الحياة.
في هذه الأيام بدأ شارع المتنبي يأخذ نمطاً سياحياً عدا كونه ثقافياً، وهذا ما أدى إلى تنوع رواده، لا سيما الأسر في الليل.
"لقد أصبح الشارع يجمع الكثير من الأمزجة، ومختلف الثقافات، بشكله الجديد الذي يتوحد في واجهات المحال وشكلها، بحسب سلام التميمي وهو صاحب إحدى المكتبات، كما يضيف "شارع المتنبي الذي رُمم مؤخراً، بعد أن أُعيدت هيكلته بطابع ثقافي تراثي وأخذت أشكال المحال نمطاً واحداً، يجسد اليوم رمزاً من رموز السياحة".  
وعبر الكثير من رواده عن أن هذه خطوة لافتة لعودة الحياة الثقافية والإقبال على شراء الكتب أكثر من أي وقت سابق، وكان من بينهم ناجي الكناني، وهو صاحب مكتبة ومنشورات نابو، الذي يقول: من شرفة المكتبة التي تطل على الطرقات في شارع المتنبي، صرت مهووساً بمراقبة الحياة، شخصياً أرى هنالك حاجة كبيرة لإقامة الأمسيات الشعرية والحفلات الغنائية، ليحتفظ الشارع بقدسيته كشارع ثقافي. 
ويرى الكاتب والصحافي فاضل النشمي أن ريادة هذه الأمكنة مهمة لغير المثقفين، ويقول: "شخصياً لا أتفق مع وجهة نظر بعض المثقفين ورواد الشارع المتعلقة بالتذمر من زيارة وحضور غير المهتمين بالقراءة والشأن الثقافي إلى الشارع، مثل بعض الشباب والأسر التي تفضل التجوال فيه بأيام العطل وغيرها، وذلك لأن حق التجوال ثابت لأي مواطن، سواء كان مهتماً بالقراءة وشراء الكتب أم غير مهتم، بل إن حضورهم ربما يدفع بعضهم يوماً ما إلى اقتناء الكتب نتيجة التأثر بأجواء المكان. ويضيف "شارع المتنبي هو في الأساس مكان لبيع وتجارة الكتب، ومن ثم اكتسى طابعاً ثقافياً، ومن هنا فإن تحوله إلى مكان سياحي لا يمثل إساءة له بتقديري، وربما مثل تكريماً، لكن علينا أن نتعامل بحذر مع قصة السياحة، فالشارع صغير جداً بالقياس لعدد سكان العاصمة، وحضور أعداد كبيرة من الناس لشارع بهذا الحجم ربما سيحول متعة التجوال إلى مشكلة نتيجة الزحام الشديد.
إن رغبت الدولة أو أمانة بغداد أو المهتمون بأمر الشارع في جعله وجهة سياحية، فعليهم أن يعيدوا إعمار وترميم معظم الشوارع والمقتربات القريبة من الشارع، بمعنى آخر، تحويل الأحياء والشوارع المحيطة والقريبة إلى "داون تاون" فيها جميع الخدمات الترفيهية و"منزوعة من السيارات"، وبذلك وحده بتقديري يمكن أن يتحول الشارع إلى وجهة سياحية.