التمر.. وسيلة تواصل إنسانيَّة

اسرة ومجتمع 2022/03/18
...

  بغداد: قاسم موزان
 
أثناء مجالستي لصديق، في متجره دخلت امرأة في مقتبل العمر، يبدو على ملامحها بعض الانكسار وإن حاولت إخفاءه، عيناها غائرتان على قلق، قدمت كيس تمر لصاحب المحل بأدب جم، واستقبلها بابتسامة مرحباً بها، ومد يده إلى جيبه بهدوء وأخرج مبلغاً ما، فأخذته باستحياء مع كلمات امتنان هامسة، واعتذر عن قبول التمر باحترام؛ فسألته: هل هي متسولة؟ فأجاب: كلا.. إنها محتاجة للصدقة بأسلوب لا يخدش كبرياءها أو يحط من قيمتها كإنسانة ولكي لا تذل نفسها أو تضيف رقماً جديداً لأعداد المتسولين الذين تزدحم بهم الشوارع، قلت: ربما طريقة مبتكرة في الاستجداء، رد مستنكراً قولي: دع ما يريبك وافترض حسن النية، إنها تدخل محال محددة في فترات متباعدة؛ وهم يعرفون ظروفها القاسية التي أجبرتها على قبول الصدقات بطريقة كريمة، مردفاً: هل تدرك مدلول التمر؟، ولما أجبته بالنفي؛ أوضح: التمر يحمل أكثر من رسالة، فاستفهمته؟ ، فواصل : منها أنا عراقية مثلك لا تدعني أغرق في لجة العوز والحاجة، حائرة الملامح وعيناي تنطقان، والرسالة الثانيـــــة؟ فواصل الحوار: إنها دعوة صادقة إلى سعة في الرزق، فأجبته وهل تدرك هاتين الرسالتين، قال : أفهمهما هكذا من دون أدنى ريب وإن لم تنطق بهما، عندما خرجت من متجر صديقي وأنا أستعيد شريط ما حدث أمامي وسوء ظني والتشكيك بصدق حاجتها، ولعل ما فكرت به ناجم من تراكم كمي من كثرة أدعياء الفقر والجوع بأصوات صارخة تشق اعنان عواطف الناس ويقف وراءهم من يقف ويدافع عن استمرار وجودهم.