صالح الصحن
"من نافذة الحياة" أطلت علينا الفنانة المخرجة والممثلة والكاتبة السيدة فوزية الشندي، بمنجزها الجمالي الجديد، الذي يتضمن مجموعة سيناريوهات أعدت للدراما التلفزيونية، نشرتها دار سطور، مؤخرا، بعنوان "من نافذة الحياة"، مانحة حلقاتها مسميات متعددة منها : "نهر الأحلام "، و"الكفيلة "، و"أوهام"، و"حين يكون الغباء موهبة"، و"ليالي الشتاء"، و"باب الله"، و "يا أعز مقدساتي"، و"في انتظار الموعد"، و"فراغ للعيش" و"معنى الحب"، و"أنا فقط"، و"هلاهل عمتي"، و"البرقية"، و"ملاعق الفضة"، و"نعم هذا كل ما عندي"، وكل منها يسبح في فلك درامي يحمل نبضا من المشتركات، التي حرص البناء الدرامي على دسها في ثنايا السرد، وتسيدت الشخصيات البطلة "حياة"، التي تكاد أن تكون شخصية نموذجية في المجتمع وملاذا للجميع للاستشارة والمساعدة والنصح، فضلا عن التفاعل الإنساني مع الآخرين، فهي محاطة بمجريات الأفعال والأحداث وعلاقات متعددة مع الشخصيات المختلفة من صديقات وقريبات وزميلات، وكذلك الشخوص الفاعلة الأخرى، كشخصية: سامي، وجبار، وشكيب وحازم، وسالم وابو أحمد والخال والمأذون والصائغ، وغيرهم ممن يعانون القلق والهواجس وانتهاك الحرية والإهمال والتدني السلوكي، ومنهم ممن ينشد حياة أفضل بالسعي والتفاؤل والاجتهاد والحب والعواطف النبيلة ، في فضاء تم اعداده دراميا ليكون مسرحا للأحداث، وهو الكوخ وإدارة سلطانته الباهرة"حياة".
لا تخلو كتابة هذه السيناريوهات من تنامي الأحداث ومفارقاتها وبنائها الدرامي المشوق، لا سيما أن خبرة الكاتبة الشندي، أهلتها أن تكتب بلغة الصورة وفتح النافذة المرئية للأفعال الظاهرة والمضمرة، وبلغة متوازنة وواعية لمعنى المفردات، وتأثير وقعها في الذائقة ومستويات التلقي، بتراكيب لغوية آسرة قيد التداول العربي بأسلوب الحوار المتحضر في الحياة التي تنشدها، في البناء القصدي لنوعية الشخصيات المتباينة، من جهة البعد النفسي والاجتماعي والوظيفي، التي قدر لها أن تكون دينامية في
الأحداث.
حظيت المرأة بمساحة واسعة في مشاركة الأحداث، عبر شخصيات نسائية تعد رمزا ونموذجا لسمات متفردة في حلبة الصراع الدرامي، منهن حياة سيدة الكوخ، وصديقاتها وابتسام، وجوهرة، وحصة، ومنى، واسمهان، وساهرة، ومريم، وايثار، ونائلة، وكذلك ظلال بطلة العمل وغيرهن، من خلال عوالم الحياة المختلفة منها الهانئة، او ممن تحمل الأسى والمعاناة، فضلا عن مكنونات النفس وتداعياتها. ويمكن الاشارة الى أن هذه النصوص قد قدمت لنا تباينا من القصص الساخنة، بأفعال شخصياتها المنتقاة في أماكن تحمل أدوارا مهمة في المجرى الحكائي، بكل قوة تعبيرية وتشويق ومتعة التلقي.
نسجل أعجابنا بهذا الإصدار الذي نأمل أن يأخذ طريقه للتنفيذ في الشاشة التلفزيونية، نصا مرئيا يحمل موضوعا اجتماعيا مهما ورسالة معلنة في الإنسانية والحرية والسلام.