سعاد البياتي
تحدثت الباحثة سجى عدنان عن مهمتها في ذلك بالقول: عملنا يحتاج إلى الكثير من الاطلاع والدراسة للحالات التي تردنا، وكذلك للصبر وتحمل واستيعاب المشكلات بين الأزواج، لا سيما أن النزاعات ازدادت بشكل كبير في السنوات الأخيرة ولو ركزنا على التخصص فإننا نختص بإصلاح ذات البين بين الأزواج بسبب ازدياد حالات الطلاق بشكل كبير، وهناك حالات بسيطة تردنا من الممكن الإصلاح بينهم ولكن لو تكلمنا في صلب الواقع نعترف بأن عدد المشكلات التي نفشل في الوصول إلى حلول معها أكثر بكثير، وذلك لأن بعضهم يأتي وهو قد أكمل إجراءات الطلاق خارج المحكمة شرعياً ويرغب فقط في تصديقه، وهنا لا حل سوى تصديق العقد من قبل القاضي، و يحتم عليّ أن أكون مستعدة في مواجهة المواقف التي قد تؤثر نفسياً في بعض الأحيان، وذلك بسبب شتات الأسر ومعاناة الأولاد جراء الانفصال غير المحسوب بين الأبوين، لا سيما أن أغلب مشكلاتهم تؤدي إلى الطلاق.
بعيداً عن الحقيقة
ونحن في غرفة الباحثة دخل علينا رجل يبدو في العقد الأربعين، طالباً استدعاء زوجته التي طلبت التفريق قبل مدة، وأن تكون حاضرة لمواجهته بعد أن هجرها قبل أشهر حسب ادعائه، ولم يكن مقنعاً في كل ما قاله أمام الباحثة سجى، موضحة أن العديد من هذه الحالات تردها ويكون الافتراء حاضراً وعدم ذكر الحقائق بصورة جيدة يسبب إشكالاً في تسوية الأمور، ما يزيد الوضع توتراً وتعقيداً.
وعن سؤالنا حول كيفية معالجة تلك الحالات ومعرفة الصادق والكاذب في ادعائه أجابت، من خلال خبرتنا في مجالنا يمكننا أن نعرف من خلال حركات الشخص وطريقة كلامه والجانب الانفعالي له إذا كان صادقاً أو كاذباً لأن كلا الطرفين المتنازعين سيجزمان بأنهما على حق ويبقى علينا تمييز ذلك.
وتبين عدنان أن أغلب حالات الطلاق تصل إلى المحكمة بسبب تأثير الأهل على الطرفين ونحاول أن نبحث في هذه النقطة ونركز على جانب المودة والرحمة بين الزوجين وننجح أحياناً في التوفيق بينهما، مشيرة إلى أن العمل في هذا المجال متعب، ولكنه ممتع جداً لأن الشعور بالتوافق بين طرفين متنازعين يكون جميلاً جداً كما أننا نحافظ على أسرار الأطراف المتنازعة خاصة أن بعض النساء يخجلن من التصريح بها.
المودة والرحمة
كما أن قلة وجود المنظمات الراعية للأسرة العراقية وتفشي البطالة وقلة الوعي الديني وانعدام مراقبة الأهل، وعدم تحمل كل تلك العوامل مجتمعة أثرت و زادت من المشكلات الاجتماعية والباحثة وحدها لن تتمكن من حل كل تلك النزاعات سوى ما يدخل إلى أسوار المحكمة وبالتالي لا بد من تكاتف منظمات المجتمع المدني والحكومة لتفعيل دور المؤسسات الاجتماعية والإرشادية لتقليص حجم تلك المشكلات والحفاظ على بنية الأسرة العراقية، وبدورنا نحن الباحثات الاجتماعيات المتواجدات في المحاكم الشرعية ندرك أهمية وجودنا هنا لنقوم بدورنا كما حددته لنا المهمة، وقد نجحنا نوعاً ما في إصلاح العديد من الأسر التي باتت على حافة الطلاق والتفريق، ومن خلال التباحث مع الطرفين من الممكن أن نوصل الزوجين المتنازعين إلى الحل والعودة للحياة الطبيعية، وهذا أشد ما يفرحنا ويعزز من مكانتنا التي يصفها البعض بالمهمة الصعبة، لأنها تتطلع إلى المشكلات الأسرية الصعبة أحياناً وتواجهها بثقة، داعية الله عز وجل أن يوفق الجميع بإنشاد حياة أسرية خالية من التداعيات التي من شأنها أن تشق جدار الرحمة والمودة.