قصة {من المسؤول} الحزينة

الصفحة الاخيرة 2022/03/28
...

علي حمود الحسن
نشرت شركة "سومر للسينما المحدودة"، التي أسسها عبد الجبار ولي العائد من دراسة السينما في أميركا، إعلاناً في العام  1956  تطلب فيه من الكتاب والمؤلفين كتابة قصة سينمائية بمكافأة مقدارها 100 دينار عراقي، فانهالت عليها  العروض حتى وصلت إلى 80 قصة، فازت منها قصة "من المسؤول" لأدمون صبري، هذه الآلية غير المسبوقة، وراءها مخرج ومنتج مثقف، اطلع على صناعة الأفلام في عرينها، وبالطريقة ذاتها تقدم كاظم مبارك، الشاب الوسيم القادم من الناصرية، بخبرة مسرحية متواضعة، إلى مدير الشركة الفني عبد الجبار ولي، وبعد الاختبار تم ترشيحه لبطولة الفيلم، بالتزامن مع تعرف المنتجين على شابة جميلة عمرها 18عاماً اسمها ناهدة الرماح، وجدوا فيها مشروع ممثلة واعدة، نجحت بالتعامل مع الكاميرا وتنفيذ ما يريده المخرج، على الرغم من تجربتها الأولى، بعدها دارت الكاميرا لنحظى بواحد من الأفلام الذي يعد وثيقة مهمة تصور بغداد وشوارعها ومحلاتها وساحاتها، فضلا ًعن عادات أهلها وتقاليدهم.
 يحكي الفيلم قصة مراقب البلدية المحبوب جودي(كاظم المبارك)، لمعصومة بنت المحلة (ناهدة الرماح)، اللذين يتزوجان وبعد انفرادهما في غرفتهما تنهار معصومة وتطلب منه أن "يستر عليها" فيصاب بالذهول والصدمة، لكنه يتماسك ويسألها عن قصتها، فتخبره أنها اغتصبت من قبل ذئب بشري وهي مراهقة، فيقتنع بما تقول، ويعيشان أياماً هانئة لا يعكرها، سوى حزن معصومة ومرضها، ويعرضها على طبيب صلف ومتعالٍ(سامي عبد الحميد)، فتكتشف أنه الشخص ذاته الذي اغتصبها، وتخبر زوجها فيضربه ضربة مميتة، لتنتهي حكاية عاشقين من عالم الفقر الحزين.
 صور المخرج معظم مشاهده بإنارة طبيعية، إذ جابت كاميرا دفيجا وهو مصور هندي مخضرم شوارع وساحات ومحلات بغداد، بلقطات معظمها طويلة وبعضها، بلقطة واحدة، واستعان المخرج بمهندس صوت من شركة "جقماقجي للأسطوانات" المعروفة، يدعى ناجي صاحب أخفق إلى حد ما في بعض المشاهد، إذ لم يستطع ضبط ما يصدر من أصوات، ما سبب تشويشاً على المشاهد، وينتمي الفيلم إلى الواقعية الجديدة، على الرغم من دراسة مخرجه للسينما في أميركا، وهي مفارقة حقاً، وأعتقد أن السبب يعود إلى فقر الإنتاج. 
  أعدت الشركة حملة تسويق ضخمة تضمنت إعلانات في الصحف والمجلات، إذ كلفت الفنان التشكيلي الرائد حافظ الدروبي بتصميم إعلانات الفيلم وطبعها في القاهرة، وكذلك استثمروا جهود موزع الفيلم في العراق والعالم العربي إسماعيل شريف، الذي قدم للشركة مساعدات خاصة في مصر، أثناء طبع الفيلم هناك، بعدها عرض في سينما ريو الواقعة في الباب الشرقي، التي تغير اسمها إلى غرناطة بعد ترميمها في ستينيات القرن الماضي .