ذوو الاحتياجات الخاصة.. معاناة وطموح

ريبورتاج 2022/03/28
...

 مصطفى منير
 تصوير: نهاد العزاوي
 
فاطمة سعد تبلغ من العمر 23 عاماً، لكن يبدو شكلها أصغر، فعند ولادتها هي وأخيها التوأم، لم تستطع الطبيبة المختصة إخراجهما بشكل صحيح، فعاش أخوها من دون أي أمراض، وأصبح أستاذاً في مادة الفيزياء، بينما فاطمة سقطت على الأرض بسبب خطأ طبي تسبب بإعاقتها بنسبة ثمانين بالمئة.
وبعد عامين من عمرها تمكنت أسرتها من اكتشاف عوقها بسبب ظهور أعراض عليها، منها عدم قدرتها على الوقوف والجري مع ضعف إحدى اليدين، ومع ذلك أصرت والدة فاطمة على زجها بالمجتمع وتسجيلها في المدرسة الابتدائية.
 
قضية وطن
وتروي فاطمة حكايتها وتقول "كنت شيئاً غريباً في المدرسة فعند انتهاء الدرس يتجمع الطلاب ويغلقون باب الصف عليّ، وللأسف كانت معاناتي كبيرة فالمجتمع لم يكن متقبلاً لي".
وبسبب المعاملة التي تلقتها من زملائها في المدرسة الابتدائية توجهت فاطمة إلى معهد ذوي الاحتياجات الخاصة وأكملت تعليمها الابتدائي والمتوسط، وتتابع فاطمة سرد قصتها "في المعهد تعلمت كثيراً، فكانوا يقدمون لنا كل ما نحتاجه من أطباء نفسيين ومستلزمات دراسية وتدريبية".
وبعدها توجهت فاطمة إلى دخول معهد الفنون الجميلة للبنات، قسم الإخراج، واختصت بتأليف وكتابة السيناريو المسرحي، ومن أهم نشاطاتها الطلابية هي مسرحية "قضية وطن".
وتختم فاطمة حديثها بأجمل ما رأيت وهي تشيد بجهود والدتها قائلة، : "ذوو الاحتياجات الخاصة يأخذون قوتهم وإصرارهم من أمهاتهم، فلولا أمي لما أحببت نفسي".
 
إحراج وخجل
والإعاقة من الموضوعات المهمة والحساسة في  الوقت نفسه، لا سيما التعامل مع هذه الشريحة بسبب ما تعانيه من نقصٍ في إحدى وظائف أعضاء الجسم، وبشأن ذلك، قسم الباحث الاجتماعي ولي جليل الخفاجي الإعاقة إلى عدة أقسام ومنها إعاقة بدنية وأخرى عقلية ونفسية، وهي على نوعين، شديدة وبسيطة، ومنبعها أما من الولادة أو عن طريق حادث أثناء الحياة.
ويضيف الخفاجي: "للأسف الشديد بعض الأسر تشعر بالحرج والخجل عندما يصيبها القدر وترزق بطفلٍ معاق أو ما يسمى بذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة عندما يأتي لهم ضيوف يحاولون إخفاء الطفل المعاق لذلك يصاب بالإحباط وخيبة الأمل بسبب عزله عن المجتمع ما يزيد الطين بلة.
واقترح بالقول: "إذا أردنا أن نحافظ ونهتم بذوي الاحتياجات الخاصة، علينا أولاً الاهتمام بالأسرة ودعمها وتوعيتها وإشعارها بأن هذا الأمر طبيعي جداً فلا داعي للقلق ويجب عليها تقبل الواقع ووضع برنامج لرعاية الطفل أو الكبير المعاق من خلال زجه في تجمعات ودعم وتعزيز موهبته وقدراته إذا كانت لديه مواهب وقدرات وعدم الملل والضجر منه".
لافتاً إلى أن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة الشباب والرياضة لهما دور مهم في رعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال إعطائهم رواتب ومكافآت مالية، فضلاً عن فتح مراكز ومعاهد خاصة لكل إعاقة، وتسليط الأضواء الإعلامية عليهم لغرض دمجهم في المجتمع وإشراكهم في الفعاليات والمناسبات كافة.
 
إعالة وتأهيل
"من عاصر وعايش شخصاً من ذوي الاحتياجات الخاصة أو كان ضمن الدائرة المعرفية القريبة منه، يعرّف تماماً ماذا تعني الإعاقة، وماذا تتطلب من الأسرة المعيلة له؟، بهذه الاستفسارات بدأ الخبير الستراتيجي محمد فخري المولى حديثه، متمنياً أن يتم النظر لهذا الملف برؤية ستراتيجية حديثة، مستدركاً: "يجب أن تكون لهم تخصيصات مالية تكفيهم، فالمعيل لا يستطيع أن يوفر جميع المستلزمات المتعلقة بالطفل المعاق من الراتب الذي تقدمه هيئة الرعاية الاجتماعية، وخاصةً في ظل الوضع الاقتصادي الحرج".
 
اقتراحات وتوصيات
وأكمل حديثه بالقول،: يجب أن تكون هنالك برامج تطويرية لأصحاب الهمم وذويهم، فضلاً عن تقديم جميع التسهيلات اللازمة لرعايتهم، مع فتح مراكز تأهيل ودورات علاجية لهم، وأن تكون الجزئية الأولى هي كيف نستطيع على الأقل تطوير وتأهيل ذي الهمة ليصبح إيجابياً وفاعلاً في  الأسرة الصغيرة لا أن يكون ثقلاً إضافياً على ذويه، وبعدها ننتقل إلى أن يكون عنصراً فعالاً في المجتمع، وهذا الأمر لو دققناه عالمياً سنجد الكثير من الشخوص الموجودة من ذوي الهمم استطاعوا أن يكونوا عناصر منتجة وفعالة في الأسرة والمجتمع.
ولفت المولى إلى ضرورة تشغيلهم وزجهم في سوق العمل، فقد يكونون من أصحاب الهمم لكن لديهم رؤى وأفكاراً وطموحات ويستطيعون أن يتقدموا وينجحوا إذا توفرت لهم الرعاية الأسرية والمجتمعية.