ملاك حميد.. طفلةٌ تُطلق حملة {الشريط الأخضر} لنبذ العنف

اسرة ومجتمع 2019/03/17
...

بغداد/ شذى الجنابي
أطلقت مبادرتها “ الشريط الاخضر”  ضمن برنامج حملتها التي تهدف الى حماية الاطفال من التعسف وإعادة تأهيلهم من جديد، ومساعدة مرضى السرطان ، والمساهمة في مشاركة مليون طفل فيها على قناة اليوتيوب ودعوتهم للتعاون معها في نبذ العنف، انها ملاك حميد .. 13 عاماً .. في الاول المتوسط.. وهي طالبة متعددة المواهب طموحة تسعى وراء أهداف كبيرة وتمتلك هوايات عديدة رغم صغر سنها.
 
عمل شاق
تقول ملاك :” اعتدت منذ طفولتي مع إشراقة كل صباح ان يصطحبني والدي الى المدرسة ، خوفاً من حوادث الطريق ، وفي احدى المرات و في التقاطعات القريبة من مدرستي  لفت نظري طفل ذو 11 ربيعاً يحمل بيديه قطعة قماش يلمع زجاج السيارة، وحين يقف السير يقفز الطفل المدعو ( عامر) مع رفاقه نحو السيارات المتوقفة ليبدؤوا برش زجاجها ومسحه بسرعة، طمعاً في الحصول على مبلغ قليل من أصحابها، حتى وإن كان (500 ) دينار، وقد كان يبيع كل شيء ، مرة يحمل قناني الماء ، وثانية يحمل علب الكلينكس، ويتعرض للضرب والاهانة من قبل زملائه بسبب منافستهم على العمل.. استوقفه ابي بعد مسح زجاج السيارة 
وسأله، متى بدأت العمل، فاجاب ، لا اعلم؛ فقد وجدت نفسي في الشارع  من اجل الحصول على بعض المال الذي قد يكفي لسد رمق اخوتي ووالدتي الأرملة وأنا الولد الثاني بين خمسة اخوة، اثنان منهم اكبر مني يعملان في الشارع ايضاً.
 وفجأة غاب عامر فلم اعد أراه طيلة أسبوع مضى ، سألنا احد زملائه الذي كنا غالباً ما نراه برفقته ، فقال: ان عامر أصيب بكسر في يده بعد ان صدمته سيارة كان يركض خلفها لأن صاحبها اخذ قنينة الماء منه ولم يدفع ثمنها بسبب تحرك سير السيارات، بعدها اخذت اتألم لحال هؤلاء الاطفال ما دفعني  الى مساعدتهم بالمصروف الذي اتقاضاه من والدي 
يومياً.
تتحدث ملاك بلغة أكبر من عمرها عندما استمعنا لها وهي تقول :ملايين الأطفال يتعرضون للعنف يومياً في المدارس، والشارع والاسرة، مايؤثر في صحتهم البدنية والعقلية، ويعيق قدرتهم على التعلم والاختلاط  بالمجتمع ، وايضاً إهمالهم واستغلالهم في كثير من الأعمال الشاقة التي تفوق طاقتهم، ويجب حث المسؤولين على سن قوانين وانظمة لحماية الاطفال ومعاناتهم من شتى انواع العنف.
 
تنظيم وقتها
لملاك احلام وطموحات واسعة فقد شاركت بالعديد من الدورات التدريبية في مجال تنمية الذات مع عدد من المدربين المتميزين في هذا المجال ، ولها مشاركات ايضاً في جلسات وندوات حول العنف الاسري ، وحماية الطفولة في العراق.
وعن كيفية تنظيم وقتها بين نشاطها والدراسة، اكدت ؛ تمكنت بفضل الله ودعم اسرتي  من تنظيم وقتي بين هواياتي بالرسم ، ومشاريعي في برنامج نبذ العنف ضد الطفولة ورعايتهم والاهتمام بهم، بحيث لا تطغى إحداهما على الأخرى لأنني ارغب أن أكون متفوقة دراسياً، وأمنيتي أن أكون طبيبة أطفال في المستقبل ومعالجتهم  من الناحية النفسية والبدنية، وايضاً اعشق القراءة والرسم كوني نشأت في عائلة فنية تهوى الفن، كان والدي فناناً وعازفاً على آلة ( الاورك) وشقيقتي الكبرى تولي الرسم اهتماماً خاصاً، ما جعل من الفن عشقاً يكبر معنا مع مرور السنين، واتمنى ان أحقق حلمي من خلال رسوماتي دون اي ملل الى ان تصل رسالتي الى العالم، واشجع الاطفال المبدعين بالرسم على تجسيد مواقف عنف شاهدوها أو مروا بها.
 
الشريط الأخضر
وتتحدث ملاك عن مشاريعها، مشيرة الى ذلك بقولها؛ :احب ان احقق هدفي بتضامن الاطفال معي بالحملة وارتداء “الشريط الاخضر” الذي يرمز الى نشر السلام بين الناس، وادعو كل شخص  الى ارتدائه كي نتحد لاقرار قانون حقوق الاطفال ، مبينة؛ لدي برنامج بعنوان “ ملاك بين الناس “ على قناة اليوتيوب تم انشاؤه منذ سنتين هدفه زرع البسمة بين الاطفال ،وقمت بجولات بين المبدعين منهم في عدد من دور الايتام والمدارس، ومشاركة الاطفال في المهرجانات الفنية والاجتماعية بايصال رسالة الى العالم، مفادها أن أطفالنا مبدعون، رغم الظروف الصعبة وانهم يسعون إلى إبراز مواهبهم الفنية والإبداعية بأناملهم 
الصغيرة.
وتابعت : لدي مشروع آخر هو مساعدة الاطفال المرضى بالسرطان بالرغم من ان البعض ينظرون إلى المريض بأنه انسان منته وقد شارف على الموت، لكن يبقى هناك من يتحدى المرض وينتصر عليه ويتمسك بالأمل، ويقوم بمتابعة حياته متسلحاً بابتسامته الجميلة وبأحلامه الكبيرة .
 
نشر الوعي
بينما أكدت والدتها؛ قائلة : من الضروري إخضاع الأشخاص القائمين بالتعنيف  للمساءلة عن أفعالهم، وإيجاد نص قانوني لا يقتصر على العقوبات فقط، بل توجيه رسالة بخطورته على تنشئتهم الاجتماعية، خصوصاً في مجتمعنا الذي يعاني من تفاقم المشاكل الاجتماعية وازدياد معدلات العنف الاسري يوماً بعد آخر، وبالتالي اخذ يهدد استقرار المنظومة المجتمعية بسبب الابتعاد عن اقرار القانون، معتبرة؛ دور وسائل الإعلام في بث تلك الظاهرة من خلال الأفلام أو الإعلانات أو ألعاب الفيديو كونها الوسيلة الأكثر تأثيراً على نشوئه، وبالتالي  دورها في نشر الوعي بحقوقه وعرض برامج تسهم في تمكين 
الأطفال .
 
اثبات ذاتها
اما والدها فتحدث عن احلامها قائلاً: ملاك طالبة طموحة جداً ومسؤوليتي كأب أن لا أدخر وسعاً ولا جهداً في مساندتها ، وانا شخصياً اعمل على مساعدتها ودعمها هي واخوتها،  لأن الابناء هم الاستثمار الحقيقي الذي يجب أن يخلص له ، ويتعب من أجله الآباء والأمهات والمجتمع بشكل عام، مضيفاً: تسعى ابنتي دائماً لإثبات ذاتها الاجتماعية في العديد من المواقف، وإقدامها على توفير الشريط الاخضر للاطفال يدل على التحدي ضد الاخطاء التي ترتكب 
ضدهم.