شهر رمضان.. ربيع أعمال الخير وتهذيب النفوس

ريبورتاج 2022/04/04
...

 بدور العامري
بين شعائر وعبادات وعادات وتقاليد وموروث شعبي، تملؤها الأجواء الروحانية المتميزة، يأتي شهر رمضان المبارك كفرصة حقيقية للمسلمين، لإشاعة عمل الخير وتهذيب النفوس وإصلاحها.
 
اغتنام أوقاته
إن لشهر رمضان فضلاً كبيراً، ولطالما حثت روايات المسلمين والمعصومين من أهل البيت (عليهم السلام) على اغتنام أوقاته لكل ما فيه خير للنفس والإنسانية، إذ يوضح طالب الحوزة العلمية في النجف الأشرف محمد حسين بحسب رواية عن عبد السلام بن صالح الهروي قال "دخلت على أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) في آخر جمعة من شهر شعبان، فقال لي : يا أبا صلت إن شعبان قد مضى أكثره وهذا آخره، فتدارك فيما بقي تقصيرك فيما مضى منه، وعليك بالإقبال على ما يعينك وأكثر من الدعاء والاستغفار وقراءة القرآن وتب إلى الله من ذنوبك، ليقبل شهر رمضان إليك وأنت مخلص لله عز وجل، ولا تدعن أمانة في عنقك إلا أديتها، وفي قلبك حقداً على مؤمن إلا نزعته، ولا ذنباً أنت مرتكبه إلا أقلعت عنه، واتق الله وتوكل عليه في سر أمرك وعلانيتك، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، إن الله بالغ أمره، قد جعل الله لكل شيء قدراً".
 
مساعدة المحتاجين
بذل العطاء ومساعدة المحتاجين وعمل كل خير، فإن الله لا يضيع عمل عامل لله، فالصبر في شهر رمضان فيه بعد معنوي وتربوي يحمل أبعاداً عبادية سامقة متمثلة بديمومة الخير والعطاء. محمد ياسر (29عاماً) الذي يعمل ضمن فريق في مؤسسة خيرية يقوم برفقة مجموعة من الشباب بجمع التبرعات المالية من ميسوري الحال، ليشتروا بها عدداً من  المواد الغذائية ويوزعوها بين الأسر المتعففة، كجزء من النشاطات التي تقوم بها المؤسسة خلال شهر رمضان، لما يمثله الشهر الكريم من مناسبة عظيمة لتقديم العون والمساعدة للفئات الفقيرة والمحتاجة، وكذلك الحال مع الشابة مها إسماعيل ذات الـ (23عاماً) إذ تعمل مع زميلاتها الطالبات في جامعة المستنصرية على تقديم المساعدات للنساء الأرامل والأيتام خلال شهر رمضان بجهود ذاتية غير مدعومة من جهات حكومية أو غير حكومية.
 
تقليد متوارث
تتعدد وتتنوع أعمال الخير خلال الشهر الفضيل، وتبقى الغاية الأساسية هي مرضاة الله وكسب الحسنات ودفع البلاء بحسب الحاجة أم ليث ذات الخمسة والستين عاماً، إذ تبين أن عمل الخير ومساعدة المحتاجين لا يقتصران على فعل محدد، إذ تقول "لدينا تقليد قديم خاص بأسرتنا توارثناه عن الآباء والأجداد وهو التكفل بعلاج عدد من المرضى من الفقراء والمحتاجين، ممن نعرف أوضاعهم المعيشية الصعبة وعدم قدرتهم على تحمل مصاريف مراجعة الأطباء وإجراء العمليات الجراحية في أغلب الأحيان"، وتابعت السيدة حديثها "إن هذه المبادرة الخيرية تبدأ في شهر رمضان ولا تنتهي بنهاية الشهر الفضيل، بل تستمر بمتابعة المرضى واحتياجاتهم وأسرهم لحين تماثلهم للشفاء التام بإذن الله"، في الوقت الذي ناشدت فيه الحاجة أم ليث أصحاب الصيدليات وعيادات الأطباء بضرورة التعامل بنوع من المراعاة والعطف تجاه الفئات الفقيرة في المجتمع من الذين لا يملكون ثمن العلاج و(كشفية) الطبيب.
صلة الأرحام
رجل الدين حسام البغدادي، يوضح عظمة شهر رمضان الكريم باعتباره من أعظم الأشهر حرمة عند الله تعالى وعند المسلمين أجمع، إذ يقول الرسول الكريم محمد (ص)، (شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله) فالمؤمن فيه ضيف، إذ لا بد أن يتحلى بالإيمان وطلب غفران الذنوب وتعلم الطاعة والاحترام وتهذيب النفس، وليس ببعيد عن هذه الأخلاق يتابع الشيخ البغدادي حول ما يستحب عمله في شهر رمضان المبارك إضافة إلى شعيرة الصوم، وهو زيارة الأقارب وصلة الأرحام، إذ  تعد من الأمور الإيجابية التي يراد التمسك بها والحفاظ على ديمومتها، لما لها من شأن في توطيد العلاقات الاجتماعية وبالتالي ايجاد مجتمع قوي ومتماسك، وقادر على تجاوز المشكلات، كونه بناء متراصاً غير مشتت. 
 
الركن الرمضاني
من العادات الرمضانية البناءة التي من شأنها غرس محبة الشهر الفضيل والحرص على استقباله من لدن أفراد الأسرة العراقية، هو تخصيص ركن صغير في المنزل يحتوي على المصحف الشريف مع عدد من التحف والمقتنيات التراثية التي تحمل عبارات الترحيب بشهر رمضان المبارك تتخللها زينة ذات ألوان براقة، ما يضفي أجواء البهجة والفرح خلال أيام الشهر المبارك، وتعتقد السيدة أم رانيا (38عاماً) أن تهيئة إحدى زوايا البيت كركن رمضاني باتت من العادات والتقاليد التي تحرص السيدات وربات المنازل على المباشرة بتهيئتها قبيل قدوم شهر رمضان، كنوع من التمييز والأجواء الخاصة بالشهر الكريم، كما تعتبر من العادات المحببة لدى الأطفال شأنها في ذلك شأن (صوم العصافير) إذ يقوم الأطفال بتقليد أهاليهم في الصوم والامتناع عن الطعام لغاية وقت الظهيرة، ثم يتمكنون من الأكل بعد ذلك.