محمد شريف أبو ميسم
بعد أنْ قررت الهيئة العامة للكمارك الاستغناء عن تصديق شهادة المنشأ والفواتير المتعلقة باستيراد السلع في الملحقيات التجاريَّة العراقيَّة للأغراض الكمركيَّة والاكتفاء بمصادقة غرفة التجارة والصناعة في المنشأ أو البلد
الوسيط، صار من الواجب الآن دراسة الجدوى من هذا القرار ومعرفة آثاره الإيجابيَّة والسلبيَّة في الاقتصاد الوطني وفي طبيعة تدفق السلع الى الأسواق المحليَّة بما يحمي المنتج المحلي ويضبط إيقاع حركة السوق ويحد من إمكانية ضعاف النفوس في استغلال نقاط الضعف في التطبيق وخلق الثغرات التي قد تسمح بنفاذ السلع غير المطابقة للمواصفات العراقيَّة.
وشهادة المنشأ هي أوراقٌ تصدر عن الغرف التجاريَّة في البلدان المصدرة للسلع، توضح مكان إنتاج البضاعة المراد تصديرها، وتعدُّ هذه الأوراق “إنْ كانت مؤكدة” وثائق مهمَّة للتعرف على جنسية البضاعة بغية تقدير نسب الرسوم التي ستفرض عليها أو المعاملات التفضيليَّة التي ستمنح لها.
ومن خلال شهادة المنشأ يمكن التحكم في تدفق السلع ومعرفة الممنوع منها أو المحظور اقتصادياً، وبالتالي فإنها تحد من فرص الطفيليين وضعاف النفوس في تسويق السلع غير المطابقة كلما كانت وثائق مؤكدة، وبخلاف ذلك فإنَّها ستتسبب بإنتاج الفوضى بما لا ينسجم وتوجهات المرحلة التي يعيشها بلدنا والتي تتطلب المزيد من انتظام علاقات السوق عبر تفعيل القوانين الاقتصاديَّة المشرعة وتشريع المعطل منها لخلق بيئة اقتصاديَّة وتجاريَّة جاذبة للاستثمار وكفيلة بحماية المنتج المحلي.
نعم، القرار جاء بموجب قرار سابق لمجلس الوزراء في آب 2018، بيد أنَّ تقييم نتائج التطبيق قد يحتاجُ الى آراء جهات أخرى معنيَّة بحماية السوق وحماية المستهلك مثل الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعيَّة والجهات القطاعيَّة الأخرى، لتكون هيئة الكمارك قادرة على معايرة النتائج الإيجابيّة في المشهد الاقتصادي مع المعطيات السلبيَّة الناجمة عن
التطبيق.
فبالرغم مما يقال بشأن مخالفة القرار لقانون تصديق الوثائق العراقيَّة، وما يقوله البعض بشأن مخالفته لتوصيات اللجنة الوزاريَّة للشؤون الاقتصاديَّة بشأن توحيد الرسوم الكمركيَّة في المنافذ الحدوديَّة كافة، إلا أنَّ الهدف من هذا القرار لا يبدو واضحاً جراء التعارض بين ما يسببه التطبيق في ظل إجراءات كثرُ الحديث عنها من قبل التجار والمستوردين في بعض المنافذ الحدودية، في وقت بات فيه الفصل بين سلع وبضائع الشركات التي تضعها الدول على القائمة السوداء وبين سلع من مناشئ رصينة اعتماداً على أوراق صادرة من جهات أجنبية مهمة ليست سهلة دون مصادقة للملحقيات التجاريَّة في تلك البلدان التي يفترض انها على علم ودراية كاملين بهذه الشركات وطبيعة السلع بحسب بيانات متاحة لديها.