الكراهية للغرب.. مبررة أم مفتعلة؟

آراء 2022/04/19
...

 عبد الحليم الرهيمي
مثلت الكراهية، كموقف سلبي وعدائي و(ثقافة) إحدى الأدوات والأسلحة المؤثرة بفاعلية، لدى الداعين للفكر المتطرف العنيف وممارسة الإرهاب والكراهية التي هي بغض وعداء للآخر، إذ تعبر عن فكر وقناعة المعتنقين لها، هي ايضاً وسيلة لتلك الجماعات المتطرفة لكسب وحشد الانصار والمؤيدين لها وتعبئتهم ضد الآخر بالبغضاء والعداء، وصولا لدفعهم لمحاربته.
 
والكراهية لا تمارس بين آخرين أفرادا، إنما ايضاً بين جماعات ومكونات قومية ومذهبية وعرقية ودينية وعشائرية وضد دول وشعوب قريبة او بعيدة على حد سواء، وهو الأمر الذي نشهد تعبيراته العملية بالصراعات العشائرية والعرفية والمذهبية، مثلما نشير اليه أيضاً الكراهية والعداء والتعبئة للحروب بين الدول والشعوب على صعيد العالم .
ولم يكن سلوك وممارسة الكراهية وليد اليوم، إنما مورس عبر مختلف العصور ومختلف شعوب العالم، لكنه يتخذ في هذا العصر أبعاداً أوسع وأخطر بدورها في تخريب انسجة المجتمعات واتساع نطاق جغرافية الحروب، التي تشن بسببها في الكثير من بلدان العالم. أما في كراهية الغرب لشعوب الشرق، ففضلاً عن الأساليب المعروفة لدعة الكراهية في تروبج الاديولوجيات المتطرفة وحشد الانصار والمؤيدين بالاضاليل والمصالح المختلفة، فإنها تعمد أيضاً وبشكل واسع النطاق الى إظهار بعض مظاهر السلوكات والأعمال السيئة للغرب وتعميمها، باعتبارها هي التي تمثل السلوكيات العامة والأصيلة لتلك الدول والشعوب، فتنسب لها كل الموبقات والأعمال الفردية أو المجتزأة، وجرائم العنصرية والحروب بل وتنسب اليها أحياناً حتى نشر الأفكار الطائفية والمذهبية والعنصرية في بلدان الشرق ومنها بلداننا العربية والإسلامية، وكأنها تغطي بذلك، بوعي او بدونه، دعاة الطائفية والعنصرية وبث الكراهية عن مسؤولية ذلك، فضلاً عن ممارستهم الإرهاب بهذه البلدان، وهو الأمر الذي يعني افتقاد الرؤية العلمية الموضوعية المحايدة للأمور من مواقف مسبقة منحازة.
أخيراً يبقى السؤال المهم الذي يطرح أمامنا كشعوب وبلدان عربية وإسلامية: وهو ماذا يعني ويفيد تصعيد وتسعير العداء والكراهية بين هذه الشعوب والدول الغربية، بالاستناد الى بعض أخطاء حكومات او سياسيين ومثقفين حتى، وتجاهل الايجابيات الكبيرة والكثيرة لها ازاء شعوب ودول الشرق ومنها العربية والاسلامية؟ لا شك أن الآثار والنتائج لهذا الترويج للكراهية ضد الغرب تضر بمصالح وأهداف وتقدم تلك البلدان، لذلك فإن الإسلوب الحضاري والصحيح والأسلم، بدل الكراهية والبغضاء والعداء، حيث لا أفق لذلك، هو الحوار والتفاهم وفي الوقت ذاته توجيه الانتقادات الشديدة للسياسات الضارة بشعوب الشرق لوقفها او تحجيمها لمصلحة الطرفين، ذلك هو الاسلوب الأنجح والأصح في علاقات بلدان الشرق والغرب في هذه المرحلة المحتدمة في الصراعات، مثلما جربت سبل الحوار والتفاهم هذا العديد من شعوب وبلدان الشرق بدل الكراهية والعداء والبغضاء.