رمضان في السينما العربيَّة

استراحة 2022/04/23
...

 غفران حداد
في الدراما العربيَّة التي تعرض كل موسم رمضاني لم تحفل كثيراً بمظاهر شهر رمضان إلا في مشاهد قليلة كذلك الحال في الافلام العربيَّة، خصوصاً ما عرض منها في القرن العشرين مثل فيلم «ضربة معلم»؛ 1987 إخراج عاطف الطيب و»في بيتنا رجل» البركات 1967 و{العزيمة» لكمال سليم عام 1939. وكان شهر رمضان بظهور ضيق للغاية.
في بيتنا رجل
كان فيلم «في بيتنا رجل» ببطولة تلمع بالنجوم من عمر الشريف وزبيدة ثروت ورشدي أباظة والسيناريو للأديب إحسان عبد القدوس على الرغم من تعودنا على تقديم الأخير من نصوص سينمائيَّة مميزة لكن كان توظيف شهر رمضان في هذا العمل السينمائي ضئيلاً رغم الحدث الذي قدم لنا بخروج المناضل إبراهيم حمدي (عمر الشريف) الذي قتل قريبه في تظاهرة على أيدي البوليس في الفترة ما قبل الثورة فيقرر الانتقام بقتل رئيس الوزراء الخائن الموالي للإنكليز فيحاول الخروج من بيت الأسرة التي لجأ إليها عقب انطلاق مدفع الإفطار حتى لا يراه أحد ولكن رغم دخول الرجل في إحدى ليالي رمضان والأسرة كانت حول مائدة الإفطار نلاحظ خلو المنزل من أية ديكورات تشير الى أننا في الشهر الفضيل، فلا وجود للفوانيس ولا زينة تتميز بها التقاليد التي اعتادت عليها الأسر المصريَّة في هذا 
الشهر.
في عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي كان شهر رمضان يمثل الموسم الذهبي للسينما، بل وعرض في شهر الصوم أشهر الأفلام المصريَّة، وكان المنتجون يتنافسون لعرض أفلامهم في شهر رمضان وتعد الأسر أجمل سهراتها الرمضانيَّة تلك التي تقضيها في السينما بعكس ما يحث الآن، إذ أصبح شهر رمضان موسم الإنتاج الدرامي والتلفزيوني.
العزيمة
بالعودة إلى أفلام سينمائيَّة ظهر فيها شهر رمضان بتلميحات بسيطة كان فيلم «العزيمة», بطولة فاطمة رشدي وحسين صدقي، إخراج كمال سليم وأنتج في العام 1939، إذ قُدِّمَ مشهدٌ عابرٌ يجمع الجارين والحبيبين فاطمة ومحمد وهما يجلسان فوق السطوح يتحدثان وكان سماع دقة طبلة المسحراتي هي الشارة والرمز الوحيد الذي يعرّف المشاهد أننا في رمضان من دون التعمق في الأجواء والطقوس الشعبيَّة الرمضانيَّة ومن دون الغوص في تفاصيل حياة الصائم من ازدحام بشري حول عربات بائعي العصائر الطبيعية ومحال الحلويات والمقاهي عقب الإفطار أو تعليق 
الزينة.
 
إضراب الشحاذين
أيضاً من الأفلام التي استخدم فيها شهر رمضان كديكور زمني كان فيلم «إضراب الشحاذين» والفيلم مأخوذ عن قصة بالاسم ذاته للأديب إحسان عبد القدوس، إنتاج العام 1967 ولم يعرف المشاهد أنه في شهر رمضان في الفيلم إلا من خلال الوليمة التي أقامها أحد الأغنياء للشحاذين بعدها كان الفيلم كله يتحدث عن الكفاح والمقاومة ضد الإنكليز وهموم ومشكلات 
الشحاذين.
في العصر الحديث قدمت السينما المصريَّة مؤخراً فيلمين حملا طقوس رمضان وكانا من بطولة الفنان أحمد حلمي؛ الأول يحمل اسم «عسل اسود» عام 2010 إخراج خالد مرعي، والثاني فيلم «إكس لارج « إخراج شريف عرفة عام 2011.
فيلم «عسل اسود» رصد الكثير من الطقوس الرمضانيَّة من تجمع الأسرة معا حول مائدة الإفطار وتبادل طبق الحلويات الرمضانيَّة بين الجيران وصوت الشيخ محمد رفعت وهو يتلو القرآن إلى كل ما يمر ببطل الفيلم وهو شاب أميركي من أصل 
مصري يعود إلى بلده الأم في شهر رمضان وهو صائم فيفطر مع السائق الذي يوصله من المطار الى المنزل الى مواجهته العديد من المفارقات الناتجة عن اختلاف الزمن والثقافات.
في حين كان الفيلم الكوميدي «إكس لارج» يتحدث عن البدانة والشراهة في الطعام ومعاناة بطل الفيلم مجدي مع الصيام عندما يحلُّ شهر رمضان وفي هذا الشهر نجده يأكل بشراهة كبيرة في الإفطار ويستمر في الأكل حتى آخر وقتٍ من ساعة السحور ورفع الأذان، وكان الفيلم يرصد الكثير من أوجه الحياة الرمضانيَّة مثل سماع صوت المطرب محمد عبد
المطلب وهو يغني «أهلا رمضان» إلى الزينة والأضواء التي تملأ الشوارع وكانت رسالة الفيلم واضحة وجميلة وتدعو الناس إلى الاقتصاد في المأكل والمشرب وأنَّ الصوم عبادة تدعو إلى الزهد لترويض النفس وإبعادها عن الشراهة وعدم تناول الطعام والحلويات إلى حد الإسراف 
والتبذير.
السينما المغربيَّة
بعيداً عن السينما المصريَّة وعند تصفح أوراق السينما المغربيَّة على سبيل المثال نجد الكثير من الأفلام التي تناولت شهر رمضان بطقوسه وتقاليده الشعبيَّة ومراسيمه منها فيلم «ألف شهر وشهر» إنتاج 2003، للمخرج المغربي فوزي بنسعيدي وقد حاز به جائزة الشباب بمهرجان كان السينمائي، ويحكي قصة أمينة التي تلجأ رفقة ابنها المهدي إلى منزل والد زوجها أحمد بإحدى قرى جبال الأطلس بعد أنْ اعتقل زوجها عبد الكريم لأسباب سياسيَّة.
وقد استحضر المخرج الكثير من طقوس العبادة في رمضان أبرزها ليلة القدر وقدم العديد من مظاهر حياة ويوميات المسلمين والمغاربة في رمضان من انتظارهم هلال رمضان إلى استقبال أول أيام الصوم ثم مشاهد الطقوس الدينيَّة والروحانيَّة التي يعيشها الصائمون خلال أيام وليالي الشهر الفضيل.