انسداد سياسي وتصحُّر مناخي

آراء 2022/04/25
...

 حمزة مصطفى
 
سياسيا مازلنا في حالة انسداد. ومناخيا في حالة تصحّر. لا أحد يعرف متى “تفرج” الأزمة السياسية، وتصحو السماء. كل العالم الديمقراطي والمتمقرط، وحتى “النص ردن” يتعامل مع السياسة بوصفها فن الممكن إلّا نحن. وفن الممكن يكاد يكون تلطيفا لما سُمِّي في التاريخ “شعرة معاوية”. ومعاوية هو أستاذ ميكافيلي الذي أبتلي على عمره حين ألّف كتاب “الأمير”. والأمير رافقته أكذوبة سياسية وهي أنّ كل زعماء العالم لاينامون إلّا ونسخة من الأمير قرب أسرتهم. من أين ظهر مصطلح الانسداد السياسي؟ من سوء التدبير بلا شك. كيف؟ إصرار على إجراء انتخابات مبكرة بموعد يسبق توقيتها الدستوري بنحو ستة شهور بدا مجرد رجم في غيب الآمال المرتفعة من دون خطة ولا هدف. 
زحفنا للانتخابات وجاءت النتائج ومعها المصائب. لماذا فاز فلان وخسر علان؟، حين تسأل يقال لك صناديق الاقتراع. أنت فائز إذهب شكل حكومة. أنت خاسر روح الطم في باب المحكمة الاتحادية. يمضي الزمن وتسحق معه مدد الدستور. متى نشكل حكومة؟ لا أحد يدري. بعد الشهر الواحد، عقب عطلة المكون الفلاني، بعد الانتهاء من المناسبة الفلانية. انتهت المواعيد والمناسبات حتى جاءنا الفرج. ليس الفرج بحل الأزمة بل بمبررات تأخيرها. نحن متدينون ورمضان على الأبواب وبعده العيد ومن بعد العيد شوال. بعد شوال يحلها 66 حلال. حين تحاول رفع سقف الانتقادات كوننا خرقنا الدستور يأتيك من “يخش بعينك” قائلا لك كل ما يجري طبيعي ولا غبار عليه.      
  بالمناسبة لسنا بحاجة الى توظيف مفردة الغبار لأغراض التشبيه أو الكناية أو الاستعارة أو التورية. فالغبار عندنا عواصف تتلو عواصف. ما أن تغادر عاصفة حتى تحل محلها عاصفة. فالغبار يملأ حياتنا ولا أحد يلتفت لا لأسباب هذا الغبار المتعاصف أو العواصف المتغابرة  ولا الى الأسباب التي أدت الى جفاف بحيرة ساوة. سوف أترك الغبار الذي طالما نستخدمه في تلطيف عباراتنا وجملنا السياسية حين نتناول الانسداد السياسي وأبقى في صلب موضوع الانسداد. في كل الدول التي يتأخر فيها تشكيل الحكومات لا يتأثر الناس. لماذا؟ لأنَّ “السيستم” لا يتأثر بالمتغيرات. الدولة دولة. نحن نخلط بين الدولة والحكومة؟ لماذا لأن الدول عندنا ريعيَّة؟ وماذا يعني ذلك؟ يعني أبويَّة. وهذا يعني أنَّ الدولة هي الحكومة والحكومة هي الدولة. طبقا لذلك لا يتوقع فتح مجاري الانسداد السياسي. أما غبارنا فإنَّ استمراره.. لا غبار عليه.