{الوفاق الدولي} و {تقاسم النفوذ}

آراء 2022/04/25
...

 وليد خالد الزيدي
 
منذ أن كان الاتحاد السوفيتي يتقاسم الزعامة مع الولايات المتحدة باعتبارهما القوتين الاكبر في العالم، حتى ورث المجتمع الدولي هاجس العداء بين الغرب والشرق، وأخذ يتأثر بشكل كبير وواضح بسياسات كل منهما المؤطرة بهالة السلام والديمقراطية الى يومنا هذا، فروسيا اليوم وريثة الاتحاد السوفيتي المنحل عام 1991 وأميركا أمينة الغرب على مصالحه وأملاكه في حقبة استعمار قارات العالم القديم والجديد، هذا التنافس اخذ يتعمق بشكل واضح في صور متعددة واشكال مختلفة، وتفجر في الازمة الاوكرانية، واحتلال روسيا لشبه جزيرة القرم.
في سرد معمق في تاريخ الصراع بين المعسكرين نرى أن مصطلح"الوفاق الدولي" بعد الحربين العالميتين الذي يسميه البعض مبدأ، هو ليس سوى قنابل موقوتة مغلفة بأكاليل الزهور البنفسجية، لكن باطنه توافق على معاودة جولات الاستعمار الاخطبوطية بين أوروبا الغربية وأميركا من جهة، وبين روسيا من جهة أخرى.
وهنا لا بدَّ من الاشارة إلى أن أميركا وحلفاءها، يدركون بشكل جلي جموح القوة الروسية بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين ومساعيها لمد أذرعها في الشرق الاوسط المتخم بالتواجد الأميركي، وشمال افريقيا، حيث تجسد في سوريا وليبيا بمشاركة الاتراك في إرسال اسلحة ومقاتلين لدعم طرفي النزاع هناك، ورغم فرض عقوبات غربية على روسيا لاحتلالها أوكرانيا، إلا أن تلك المسألة لا تعدو سوى كونها صفقة لحفظ ماء وجه واشنطن والغرب، فلسان حال الروس دائما ما يذكر الأميركان بزحف ارتالها في كوريا وفيتنام، فتدخلت أميركا في الحرب الكورية بين عامي(1950ـ  1953) وقاتلت جيوشها القوات الشيوعية الكورية الشمالية الى جانب الشطر الجنوبي في حرب تسببت بمقتل(36574)أميركيًا، وقرابة(3) ملايين كوري، وأصبحت شبه الجزيرة الكورية في حالة خراب، ومن بين أكثر المناطق تعرضًا للقصف الأميركي في التاريخ، وانتهى الصراع في تموزعام 1953، بتوقيع اتفاقية هدنة تضنت إنشاء منطقة منزوعة السلاح في كوريا وفصل كوريا الشمالية عن الجنوبية وفي حالة حرب إلى يومنا هذا.
وفي عام(1965) حشرت أميركا أنفها في أزمة فيتنام، وقاتلت قواتها بجانب فيتنام الجنوبية ضد جيش الشمال ذات التوجهات الشيوعية، الذي اسقط البلاد باكملها لصالحه أواخر عام (1975).
وكان الرئيس الروسي بوتين قد استغل هشاشة المواقف الأميركية وخسائرها البشرية في منطقة الشرق الأوسط، وجنوب شرق آسيا رغم سطوة قواتها العسكرية وامكانياتها الاقتصادية وتاثيرها السياسي، لأن تلك المواقف اتسمت بغياب الحيادية والكيل بمكيالين وتغليب مصالحها ومصالح حلفائها على مصالح بلدان تلك المناطق، وهذا ما استغلته روسيا لتبييض وجهها بمواقف أقل تاثيراً من مواقف غريمتها الولايات المتحدة، لا سيما أن هذا الضعف غير مجرى سياسة واشنطن وتحول إلى بحث عن فرص أخرى لوضع موطئ قدم وتأسيس لمرحلة توسُّع وبناء شراكات مع دول كانت حليفة للاتحاد السوفييتي وأقربها أوكرانيا، وما يجري فيها من حرب روسية محتدمة جعلت العلاقة بين واشنطن وموسكو تعيد بشكل واضح صورة الصراع والتنافُس المحموم على مناطق نفوذ عالمية لكل منهما.