هاجم الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، البرلمان الأوروبي بعد مرور عدة أيام على تصديقه تقرير «تركيا 2018” الذي يوصي الاتحاد الأوروبي بتعليق مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد رسمياً، على خلفية ملفات وقضايا خلافية بين أنقرة وبروكسل، إزاء سياسات الحكومة التركية، ومن أبرزها عقوبات الحبس والاعتقال والفصل الوظيفي للمتهمين بعضوية تنظيم غولن، ومواصلة العمليات العسكرية التركية ضد التنظيمات المسلحة الكردية في شمال سوريا، والمشاريع النووية والصفقات التسليحية مع روسيا. وخيّم القرار الأوروبي، الذي سبق بيوم واحد الاجتماع الرابع والخمسين لمجلس الشراكة التركي - الأوروبي في بروكسل الجمعة الماضي، على مجريات الاجتماع الذي ترأسه تركياً مولود جاووش أوغلو، وزير الخارجية، إذ بدا القرار ضاربا لمساعي تركيا في التحول إلى دولة أوروبية، لكن هذه القصة كلها ضاعت في إطار هيمنة قصة “مجزرة المسجدين” في نيوزلندا على أجندة الأخبار العالمية في يوم الجمعة نفسه.
رد في موعد مدروس
واختار الرئيس التركي الرد على القرار الأوروبي في التجمع الجماهيري المشترك الأول لتحالف الشعب بين حزب العدالة والتنمية الحاكم، وحزب الحركة القومية، في ولاية إزمير أحد أبرز معاقل المعارضة والعلمانية في تركيا، إدراكا منه بأن البرلمان الأوروبي تعمد إصدار قراره بالتزامن مع الحملة الانتخابية التي يلقي فيها الرئيس التركي يوميا عدة خطابات تستغرق ساعات في أكثر من ولاية، لدعم مرشحيه لرئاسة البلديات التركية في اقتراع يوم 31 آذار الحالي. وقلل إردوغان من أهمية وقيمة توصية البرلمان الأوروبي، “غير الملزمة”، للاتحاد الأوروبي بتعليق مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد، بينما تحدى قدرة الاتحاد على اتخاذ قرار بوقف المفاوضات. وقال إردوغان في خطاب بدت الحماسة عليه واضحة: “أيها البرلمان الأوروبي أنت تقول فلنوقف انضمام تركيا إلى الاتحاد. كم هذا جميل. هيّا. القرارات التي تتخذها ليست لها أي قيمة”. وأضاف “أما الاتحاد الأوروبي إذا اتخذ هكذا قرار فكم سيكون جميلا. كم سيكون مباركا. نحن ننتظر هذا القرار أصلا. اتخذوا هذا القرار. نحن مستعدون”، مستدركا “لكن لا يستطيعون اتخاذه. لا يستطيعون”. واتهم إردوغان، في خطابه، الأوروبيين بدعم تنظيمي غولن والعمال الكردستاني، عبر احتضان قيادات من التنظيمين في عواصم أوروبية مختلفة، وتحيّن الفرصة لتمكين تلك القيادات من إدارة تركيا، قائلا “صدقوا أنهم لن يترددوا دقيقة واحدة في تسليم هذا البلد إلى التنظيمات الإرهابية إذا سنحت لهم الفرصة”.
سياسة {المرحلة التركية}
ورأى ماهر الحمداني، الباحث المتخصص في الشؤون التركية، أن “خطاب إردوغان ضد البرلمان والاتحاد الأوروبيين لا يمكن عزله عن المرحلة التي تمر بها تركيا، وهي مقبلة على انتخابات محلية توصف بأنها بطعم الانتخابات البرلمانية، لأنها لن تعقبها انتخابات مقبلة حتى الانتخابات الرئاسية عام 2024”، متابعا أن “هذه الانتخابات ستحدد خيار الناخب التركي لسنوات مقبلة، وهذه المدة الزمنية الطويلة تضع تحديات على طرفي الانتخابات أي الحزب الحاكم والمعارضة في تركيا”. وذكر الحمداني أن “القوى الغربية أوضحت أسباب تعليقها لملف انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، ومنها تراجع في سلطة القانون، والحريات العامة، إضافة إلى أسباب أخرى”، معقبا “يتضح من هذا أن قرار البرلمان الأوروبي يدعم معارضي تحالف الشعب الذي يضم حزبي العدالة والتنمية والحركة
القومية”. ويجد الباحث أن “الطرف الأوروبي يحاول إعطاء دفعة للمعارضة المتمثلة بحزب الشعب الجمهوري، وحزب الجيد، وحزب الشعوب الديموقراطي، وتقوية هذه الأحزاب في الانتخابات، باعتبار أن تراجع خطوة في ملف انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي يلقي باللائمة على الحزب الحاكم، وقد يؤشر فشلا في سياسته الخارجية، وبالتالي قد يغير هذا التراجع من مزاج الشارع، أو على الأقل جزءا منه، باتجاه أحزاب المعارضة التي تجد لها مبررا آخر تضيفه إلى عدة مبررات أخرى لإقناع الناخب التركي بالتصويت لمرشحيها”.