د.نازك بدير*
ولاية ثانية لخمس سنوات جديدة تضع ماكرون أمام تحديّات متعدّدة، فهل سيتمكّن في المرحلة المقبلة من إثبات جدارته بالرّئاسة؟ وعلامَ يُعلّق اللبنانيّون آمالهم في إعادة انتخابه؟ وهل سينجح في تكريس موقعه حليفا لبلاد الأرز على غرار جاك شيراك؟ أم أنّه سيغرق مجدّدا في وحْل السّترات الصّفر بفعل تغلْغُل اليمين المتطرّف؟ ما الموقف الذي ستتّخذه دولته على ضوء تطوّرات الحرب الروسيّة_الأوكرانيّة، ومن العقوبات الغربيّة على روسيا؟ وفي الدّاخل، هل سينفّذ الوعود التي قطعها خلال الكلمّة التي ألقاها أمام تجّمع أنصاره، ووعد فيها أنّ هذه المرحلة لن تكون تتمّة لخمس سنوات مضت، إنّما" اختراعًا جماعيًّا" لأسلوب على أسس جديدة لخمس سنوات أفضل في خدمة فرنسا وشبابها؟
وهو إذ ينفي المضيّ في السّياسة التي اتّبعها خلال ولايته الأولى، وأخفق في مواجهة الكثير من الملفّات ولا سيّما المعيشيّة منها، تراه يؤكّد على أهميّة التّجديد في الأداء، ويَعِد بمستقبل أفضل، مراهنا، من جهة على التّعلّم من أخطاء الماضي، ومن جهة ثانية على عدم الاستئثار بالقرارات، والذّهاب إلى اجتراح نهج جديد بطريقة" جماعية" بعيدًا من التفرّد.
وكأنّه يغمز من قناة اليمين المتطرّف، موجّهًا رسالة طمأنة، مرة جديدة، إلى الشّعب الفرنسي الذي أعاد انتخابه- سواء من مهاجرين أو من أصول فرنسيّة- وهي أنّه سيعمل من أجل مستقبل الشبّاب.
وثمّة شقّ آخر في الخطاب يتعلّق بالطّموح إلى كَون فرنسا أكثر استقلالًا.
هل يعني ذلك التّحرّر التّدريجي من سلطة النّاتو؟ إذا حاول إغلاق بابٍ مع حلف الأطلسي، فسيفتح في مقابله المزيد من الأبواب مع الدّول الأوروبيّة طمعًا في تعزيز مصالح فرنسا، وحماية حدودها، وأمنها، واستقرارها، وهويّتها، وثقافتها في وجه الأعداء، القدامى
والجدد.
وإنْ سنحَتْ الفرصة لليسار بالعودة ثانية إلى" الإليزيه"، إلّا أنّ الأحلام لا تبدو" على قدْر أهل العزْم"؛ ثمّة تحديّات جمّة تعترضه: حزب اليمين لن يقف مكتوف الأيدي أمام الطّعنة التي تلقّاها، سرعان ما شرع في لملمة خيبته، ورصّ صفوفه للتّحضير للانتخابات البرلمانيّة في يونيو المقبل، وعلى الأرجح، قد يلجأ إلى موجة جديدة من الاحتجاجات في الشّارع تعرقل انطلاقة الولاية الثانية.
الطّريق إلى القصر ملأى بالفخاخ، فهل هذه أيضًا سيتمّ التّغلّب عليها" باختراع جماعي"؟ صوت الجماعة يعلو، وتاليًا مصلحتها هي
المنتصرة.
*كاتبة لبنانيّة