علي الخفاجي
تسرب قبل أيام مقطع فيديو مصور التقطته عدسة كاميرة لأحد الدواعش وهو يصور مجموعة من الجنود العراقيين في صحراء كبيسة وهم يداهمون وكراً لإرهابيي داعش، واذا بأحد الجنود قام بتفتيش دراجة نارية مركونة بالقرب من أحد التلال الواقعة في الصحراء، وفي تلك الأثناء تكلم الارهابيون في ما بينهم ويقول أحدهم للآخر باللهجة العامية " بلكت يصعد عالماطور ويشغلة حتى ينفجر"، واذا بعد ثواني حلت الكارثة وبالفعل ركب أحد الجنود على الدراجة النارية واثناء التشغيل انفجرت الدراجة وراح ضحيتها الجندي المسكين وتصوب آخر كان بالقرب منه.
اشـارَ الكاتب الصيني "سون تسي" صاحب كتاب فن الحرب الذي يعتبر من أقدم الكتب العسكرية والحربية، حيث ذكر ومن خلال تقسيمه لأرض المعركة من حيث تضاريسها، "أصعب ما في الحرب اذا كانت واقعة على أرض ممتدة، متعـرجة خصوصاً اذا ماكان العدو مجهول العدد والعدة".
من منا ينكر استبـسال وشجاعة القوات الأمنية بجميع صنوفها بحربها على داعش الإرهابي وكيف أذاقوهم مر العذاب لمدة ثلاث سنين من القتال البطولي واعلان النصر على داعش الارهابي، بالفعل تمت السيطرة على مناطق تواجد ارهابيي داعش والقضاء على الكثير منهم، لكن لم يتم القضاء على الخلايا النائمة التي بين الحين والآخر تظهر بعمليات نوعية، معلنة عن أسر أو قتل جنود عراقيين او تفجير يهز إحدى المدن أو أحد الأماكن المأهولة او غير المأهولة بالسكان، استخدم الإرهابيون بعد عام 2017 في هجومهم على القطعات العسكرية والثكنات العسكرية مبدأ المناورة معتمدين على طبيعة الأرض الممسوكة من قبلهم، فأصبحوا يعتمدون وبالأخص بعد خسارتهم مواقعهم على الأراضي الصحراوية ذات الطبيعة المتعرجة، فأصبحت عملياتهم نوعية وسريعة ومن ثم الانسحاب من مواقع المواجهة، ليبعثوا رسالة بأنهم موجودون ولم ينتهوا.
إظهار الخطط العسكرية على الملأ تعتبر وفق المنظور العسكري من المحظورات، ما حدث وما يحدث وما ينشر في مواقع التواصل من خطط وتحديد مواعيد لشن الهجمات العسكرية تعتبر مثلبة، خصوصاً اذا ماعلمنا بأن العدو متربص ومتأهب عسكرياً واعلامياً لأية ثغـرة ممكن أن تكون ليحدث شرخاً في صفوف المؤسسة العسكرية وبالتالي تزهق ارواحاً بريئة نتيجة عدم التخطيط، المناطق الصحراوية باتت مرتعاً لمقاتلي داعش الارهابي، إضافة إلى الخلايا النائمة التي تتموضع في هذه المناطق او حتى داخل المدن القريبة من الصحراء، فبعد تكرار تلك العمليات الارهابية أصبح الواقع يحتم على واضعي الخطط العسكرية والمسؤولين الأمنيين وضع خطط استراتيجية طويلة المدى للفواصل الحدودية بين العراق والدول المجاورة او حتى الفواصل الحدودية الإدارية بين المحافظات وتجفيف منابعه، من خلال القضاء على الخلايا النائمة منعاً لتكرار حدوث خروقات أمنية مستقبلية.