عدنان أبوزيد
وسائل النشر المباشر عبر التواصل الاجتماعي وخطاب الميديا المتدفق، وقبل ذلك أدب الخطاب على مدى عقود، أتاح للشعارات الرنانة، والعبارات المنمّقة والوعظيات النظرية من الانتشار على نطاق واسع، وقد تحولت الى كلام بلا تنفيذ.
بل ان النشاط التدويني عبر مختلف المنصات يستعيد شعارات عفى عليها الزمن بعدما أثبتت عدم واقعيتها.
وقد نشر مدوّن إنّ شعار (النفط سلاح في المعركة) لو كان العرب قد آمنوا به لامتلكوا مفاتيح الشرق الأوسط على أقل تقدير، لكن التجارب تقول أن العرب لو طبّقوا هذا الشعار، فسيجوعون قبل أن يجوع الغرب.
ورفعت الأحزاب القومية الثورية لسنين طويلة شعار (كل شي من اجل المعركة) وكانت النتيجة انها خسرت فرص البناء ، ولم تربح المعركة.
بل أن شعارات ترتبط بالجهد الفردي مثل (النظافة من الايمان)، متداولة على نطاق واسع، لا تجد التطبيق حتى من قبل المصادر التي تتبنّاها.
وعلى نطاق الأنظمة التي ترفع شعارات "حق الاختلاف" فأنها تضطهد من يخالفها الرأي.
وتتداول المجتمعات (الفاسدة)، الدعوات الى النزاهة أكثر من غيرها، وكلما تنامت مستويات النهب، ارتدى المنحرفون، ثياب الاستقامة والعفة.
وقد تلمس بشكل واضح، كيف أن الأمم المتقدمة لا تعبأ للشعارات فتجد شوارعها ومكاتب مسؤوليها خالية من العبارات المطرزة واللوحات المزركشة بحروف مذهّبة من (التقويلات).
وقد بلغ بمجتمعاتنا العربية أنّ مفاهيم الاخلاق والصدق أصبحت عباءة لإخفاء فساد السلوك.
كما بلغ نفاق الخطاب على أنواعه، إلى الحد الذي فيه تضج المراكز الاجتماعية والمؤتمرات والندوات، بالمشاركين المتورطين بنهب المال العام، باعتبارهم ناشطين في مكافحة الفساد.
وقد تُصرف الملايين من الدولارات لأجل مؤتمرات شعاراتية تكافح الإسراف.
كما يُسخّر المال العام الذي لا يصل الى الفقير، على مؤسسات متفسخة تكافح الفقر.
وأصبح حالنا، حال جمعية حماية الطيور التي ختمت اجتماعها بمأدبة عامرة من لحوم الطيور النادرة.
و وصل بنا الانفصال بين القول والفعل أن المسؤولين المكيّفة مكاتبهم بالدفأ، ما عادوا يصدقون أنّ خارج مكاتبهم بارد جدا يخترق اضلاع الفقير.
ما أكثر التنظير.. وما أقل التنفيذ، تأمّل.