عصام كاظم جري
تشهد البلاد منذ سنوات عديدة تقدما كبيرا في إحياء روح المبادرة، لا سيما عند الشباب الواعي. وبلا أدنى شك أن تفسير هذا التّقدم في المبادرات يعود للآثار النفسيّة الناتجة عن: البطالة والاقصاء والتهميش، لقد ذهب المفهوم القديم الذي يؤمن بأن الشاب العاطل عن العمل أكثر خمولا وتكاسلا وانتكاسا، أو أنه لاى يملكُ القدرة والقابلية والتّأهيل والتّحفيز على التّجديد والتّغيير والمشاركة بكل ماهو حيوي وفعّال ومنتج. إن الإبْطَاء والتّمَهل والتّأخير والتّلَكؤ والتّأَني السّلبي كلها مرادفات لفعل المبادرة وقد فات آوانها اليوم بفعل وعي الشباب وقدراتهم وإمكانياتهم الفائقة وطموحهم الفعال، والمبادرة في أحد توصيفاتها هي السُرعة للقِيام بعمل إيجابي ونوعي مناسب وملائم للخوض في مشاريع واعدة وجديد، وبلا أدنى شك أن تلك المبادرات تؤهل الشباب في بناء قدراتهم وقابلياتهم، وتساعدهم في تحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم وكل هذا يتم بالإفادة من الموارد المتاحة لهم، سواء أ كانت مادية أم بشرية أم بوسائل أخرى بغية تحقيق حياة كريمة وأفضل. والمبادر هو أوَّل منْ يقترحُ أو ينظِّمُ شيئًا إيجابيا ويقومُ به. وهو ذلك الكائن الذي يستطيعُ أن يقدّمَ أفكارا وخططا ومشاريع تنموية فاعلة تنهضُ بالعمل الإداري وغير الإداري، والمبادر هو الذي يعالجُ أيَّ مشكلةٍ في العمل ويوقظ في روح الشباب المحيطين به القدرات والقابليات الكبيرة، وبالتالي يُحركُ كلَّ ما هو ساكن وراكد بإيجابية تامة، والمبادر يطرحُ المزيد من الأعمال الهادفة والجديرة بالاهتمام أيضا. إن كل أحاسيس الخيبة والخذلان واليأس والقنوط والضبابية لم تعد تثني الشباب عن إنجاز تطلعاتهم وطموحاتهم. ولا أحد يتوقّع أن التغيير السياسيّ الذي حدث بعد عام 2003 سيصل بنا إلى ماوصل إليه اليوم، بل كنا نظن أن نوافد الأمل قد شرّعت أمام الشباب بكل أطيافه لتحقيق طموحاته وتطلعاته، لذا على المسؤولين في الوزارات والدوائر المعنية أن يبذلوا أقصى جهدهم للاهتمام بفئة الشباب والعناية بهم ودعم مبادراتهم وأفكارهم الناضجة وإيجاد فرص تستوعب طاقاتهم بغية كشف مهاراتهم الإبداعيّة والتوعويّة والفكريّة والإفادة منهم. وأخيرا بمبادرات الشباب نستطيع أن نحقيق للمواطنين رفاهية تليق بهم، لا سيما تلك المبادرات التي تسعى دائما إلى معالجة الأزمات الاجتماعية والحد من تأثيرها بدافع تغيير حياة
المواطنين نحو الأفضل. وتناولت تلك المبادرات قضايا كثيرة ومتنوعة ومنها على سبيل المثال محاربة التشرد والعنف، والعنف الأسري، والتسرب من المدارس، وتعاطي المخدرات والادمان، فضلا عن التوعية في محاربة الجريمة وشتى أنواع الانحراف، وإيجاد حلول ناجعة لها، وسعى بعض الشباب لإقامة الندوات الثقافية والفكرية والمعرفية التي ترفع من الشأن الواقع الثقافيّ، وإقامة مهرجانات عديدة منها مهرجان توزيع الكتب مجانا، وصبغ الجدران والأرصفة بالرسم وفن الكاريكاتير والخط العربي بغية الارتقى، فضلا عن توزيع الاعانات بين الأسر المتعففة، ولا ننسى مبادرات انطلاق حملة رفع النفايات من أنهار
العراق.