سعاد حسن الجوهري
نحو شهرين على اندلاع أزمة الشرق الاوربي التي ما زالت تلقي بظلالها على العالم بأسره سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا حتى.
الشارع العراقي هو الآخر كغيره من الشعوب يتابع تفاصيل هذه الازمة عن كثب، حيث لا تكاد صفحة صحيفة أو نشرة خبرية أو مواقع تواصل اجتماعي تخلو من تناول مستجدات الميدان الروسي- الأوكراني بأهمية بالغة تنم عن متابعة دقيقة ومتفحصة لأمر تحول إلى قضية رأي عام عالمي بكل المقاييس.
فعلى الصعيد السياسي لاشك أن هذا التطور أفرز تعاطفا أو تفاعلا في العقلية السياسية العراقية بين طرفي النزاع وحلفائهما من حيث البيانات والتغريدات التي تصدر، فضلا عن الآراء التي تطرح في اللقاءات الصحفية وغيرها.
اما على الصعيد الاقتصادي قد لا تكون تداعيات الحرب مباشرة على العراق، إلا أن ارتباط النظام الاقتصادي العالمي ببعضه يجعل من الصعوبة بمكان أن تكون أي دولة بمنأى عما يحدث.
فإنتاج العراق للقمح يتوقع أن يبلغ هذا العام 3 ملايين طن في حين أن الاستهلاك المحلي السنوي يبلغ نحو 5 ملايين طن بحسب مصادر اقتصادية مطلعة التي تشير بوضوح إلى ان العراق حاله حال دول العالم سيتأثر اقتصاديا وغذائيا، إذا ما استمرت هذه الحرب إلى أمد غير منظور.
وكما هو معلوم فإن بلدنا من الدول التي ترعى نظاما غذائيا وطنيا من خلال توزيع المواد الغذائية، لا سيما الدقيق على السكان منذ تسعينيات القرن الماضي ضمن ما يعرف بالبطاقة التموينية الشهرية او السلة الغذائية، إذ يوزع العراق شهريا الدقيق على المواطنين بما يعادل 9 كيلوغرامات شهريا لكل
مواطن.
وبسبب غياب الاكتفاء الذاتي من زراعة القمح بسبب الجفاف وقلة الأمطار فإن العراق مجبر على استيراده من دول اجنبية لسد الحاجة
الفعلية.
وزارة الزراعة كانت قد رجحت في وقت سابق بلوغ إنتاج القمح المحلي 3 ملايين طن في الموسم الحالي وهو أقل من الموسم السابق بسبب الاعذار المذكورة اعلاه ما يهدد بتقليص الخطة الزراعية الشتوية إلى النصف في احسن الاحوال.
هذه التحديات دفعت الحكومة إلى اتخاذ جملة قرارات تهدف لتأمين خزين من القمح والسيطرة على الأسواق المحلية ودعم الشرائح الهشة.
حيث خصصت مبلغ 100 مليون دولار لشراء 3 ملايين طن من الحنطة المستوردة بشكل عاجل بهدف توفير خزين ستراتيجي.
كما قررت تصفير الرسم الجمركي على البضائع الأساسية من مواد غذائية ومواد بناء ومواد استهلاكية ضرورية لمدة شهرين وإطلاق حصتين للمواد الغذائية في البطاقة التموينية فوراً، وتأجيل استيفاء الضرائب على التجار من مستوردي المواد الغذائية بحسب مصادر حكومية مطلعة.
وفق ما تقدم فإن العراق وإن كان يبعد عن الأزمة الروسية- الأوكرانية جغرافيا إلا أنه في قلب العاصفة على الصعد السياسية والاقتصادية وغيرها ما يتطلب اتخاذ جملة خطوات تواكب الحدث وتضبط ايقاع تأثير الأزمة على الداخل العراقي وفق رؤية موضوعية
ورصينة.