كثير هم الشعراء الذين تنفّسوا الشعر الشعبي من رحم الطبيعة، وغاصوا بين ثنايا العشب والأمكنة ليستخصلوا ثمرة القصيدة الموجعة، ومنهم شاعرنا الكبير د.حمد محمود الدوخي، الذي ورد الشعر من نسائم البادية وشراهة الريف المبلل بالجمال.
الدوخي المغرم بالمفردة الشعبية، استثمر هذا التعلق الجميل في البادية حتى بقصائده الفصحى، وأبلى بنظمها بلاء حسنا، فكان فارس المنصّة الذي يبذر المعنى في قلوب الشعراء والمتلقين على حد سواء.
الدوخي وفي معرض حديثه لـ «الصباح» أفاد أنّ «المفردة الشعبيّة على اختلاف منابعها في شمال ووسط وجنوب العراق تستطيع أن تمنح الشاعر مديات شاسعة في بناء النص الشعري، لما تختزنه من دلالات جمالية يستطيع الشاعر أن يلتقطها بفطنة وتلقائية».
وبشأن كتابته القصيدة الشعبية بيَّنَ دوخي أنّ «الشعر الشعبي لايقل اهمية عن قصيدة التفعيلة او الشعر الحر والقصيدة المفتوحة، ومعظم شعراء العامية الكبار كانت لهم تجارب ايضا في كتابة قصيدة الفصحى والعكس هو الصحيح».
وبيَّنَ د.حمد الدوخي أنّ «مكتبتي لا تخلو من دواوين كثيرة ومتنوعة للقصائد العامية ولشعراء العراق الكبار الذين تربطني بمعظمهم صداقة جميلة».
منوها بأنّ «هناك جيلا شعريا شابا يمتلك موهبة كبيرة تستند الى الوعي، وآمل ان يكون هؤلاء الشباب على خطى أسلافهم من الشعراء الكبار».
من قصائده:
لابو عيون ..
د حمد محمود الدُّوخي
بس تْمُرْ
أجيب الكَاع أجيك
وآني ممنونْ
وإذا تزعل أرضيك
بألف عفية
يبو عيون
وإذا تضحك
مطر ينزل على الناس
يغسل كل ذنوب الِّي
يحبُّون
وإذا حنيت إيدك
شمسنه تغار
عليك الله
خل إيدك بجيبك
لا يحسدون
أعرفك ما تجي
وأنطر كذب عَالباب
وألِمْ بعيوني
كل خُلْكَـ الينطرون
وأعرفك ما تحب
بس ما أملَّكْ
وأعرفك تِنكِر وْداد اليودِّون
وأعرف اكْثر عليك
وما أكَلَّـكْ
أخافن تزعل
وتتركني مجنون
ولعيونك يبو عيون
أشيل البحر بالغربال
مابدِّيه
ولعيونك
أجيل الصَّحرا بالأشبار
وأظل مِستانس بوحدي
وأكَلَّك تيه
ولعيونك
أشكَـ زِيج الهوى
وأركض ركض عالماي
ولعيونك
أرد ارْدود
اخيِّط بيه
ولعيونك
أعد حَبِّ الرَّمل
حَبَّة إعله حبَّة بليل
ولعيونك
ألم كَطر الندى وأغسل عيونك بيه
وتستاهل يبو عيون