اكتشاف طريقة جديدة مميَّزة يعمل بها الدماغ البشري

من القضاء 2019/03/22
...

ترجمة / عادل العامل
يُظهر تطورٌ علمي مثير للدهشة طريقةً جديدة مميزة تعمل بها أدمغتنا. ويتّضح من ذلك أن الخلايا ترسل رسائل لأجزاء منفصلة كلياً من الدماغ مستخدمةً إشارات كهربائية (وكان العلماء سابقاً يرونها مستحيلةً)، كما يقول جو بنكستون في مقاله هذا. وكان المعتقد به في السابق أن هناك ثلاث طرق فقط لبثّ الرسائل في الأدمغة. وتتضمن جميعها إما روابط فيزيائية أو كيميائية بين خلايا الدماغ.
فقد وجدت الدراسة الحديثة أن أعصاباً منفصلة تخلق مجالات كهربائية. ويسمح هذا للرسالة بأن تُبثّ على امتداد الدماغ بواسطة إحداث نبضات كهربائية في الخلايا
 المجاورة. 
 
الوظيفة التي ظلّت غامضة
وهكذا، فإنَّ الدماغ البشري قادرٌ، وفق هذا الاكتشاف، على الاتصال بطريقة كان العلماء يعتقدون سابقاً بأنّها غير ممكنة، كما جاء أعلاه. إذ أنّ خلايا الدماغ تستطيع أن تخلق مجالات كهربائية تقدح الأعصاب القريبة لتمرير رسالة من دون أية روابط فيزيائية أو كيميائية. والمسؤول عن القيام بذلك موجات بطيئة وغامضة يُحدثها الدماغ، كان من المعروف طويلاً أنّها موجودة لكن وظيفتها ظلت سراً غامضاً. 
والاكتشاف الحديث غير عادي جداً بحيث أن المجلة العلمية التي أعلنت النتائج للرأي العام قد طالبت بأن يتم تكرار التجارب قبل أن تكون مستعدة لنشرها.
وقد صرّح دومنيك دوران، وهو بروفيسور في مدرسة Case للهندسة في كليفلاند بولاية أوهايو الأميركية، قائلاً، “لقد كانت لحظة مثيرةً بالنسبة لنا ولكل العلماء الذين عرفوا ذلك أيضاً. وقد أكدت هذا الاكتشاف كل تجربة أجريناها
 لاختباره”.
 
 سر الدماغ البشري
ويبقى الكثير من الدماغ البشري سراً غامضاً بسببٍ من تعقيده. وقد درس البروفيسور دوران قُرين آمون في الدماغ hippocampus ــ أي المنطقة التي تتعامل مع الذاكرة ــ وذلك مدة 40 عاماً.
وكان العاملون في عالم الأعصاب يعتقدون بأن هناك ثلاث طرق فقط يمكن إيصال الإشارات بها عبر الدماغ. وهذه جميعها إما روابط فيزيائية أو كيميائية من أجل أن تنقل إشارة
ً كهربائية.
وقد أظهرت قراءات مخطط كهربائية الدماغ في الماضي أنّه حين تضيء عدة خلايا عصبيَّة في وقتٍ واحد، يتولد مجال كهربائي ضعيف يمكن ملاحظته.
وعلى كل حال، كان الاعتقاد الشائع على نطاق واسع أن هذا المجال ضعيف إلى درجة لا يمكن معها استخدامه في نقل الاشارات بين خلايا الدماغ.  
وتشير آخر النتائج إلى أن هذا الاستنتاج يمكن أن يكون سابقاً لأوانه. وقد بيّن البروفيسور دوران ذلك بقوله، “إننا لا نعرف حتى الآن الجزء المتعلق بـ (ماذا بعدُ؟) من هذا الاكتشاف كلياً. لكننا نعرف حقاً أن هذا كما يبدو شكل جديد تماماً من أشكال الاتصال في الدماغ، وعليه فنحن مستثارون كثيراً بشأن ذلك”. 
وقد وُجد أن المجالات الكهربائية التي درسها الباحثون تستثير الخلايا الدماغية، التي تُنتج عندئذٍ إشارات كهربائية منها وتكون قادرةً على نقل رسائل. 
40 عاماً في دراسة قرين آمون
لقد تم اكتشاف الطريقة الجديدة للنشاط العصبي حين كان العلماء يدرسون موجات الدماغ السريعة، المماثلة لتلك التي تتولد ونحن نائمون. وهي تُعرف بالارتباط الكهربائي، بدلاً من مجال الدماغ الكهربائي المنخفض المستوى المعروف لكنه غير المعطى حقه من الأهمية سابقاً. ويقول البروفيسور دوران، “لقد كنا نعرف بوجود هذه الموجات لوقتٍ طويل، لكن أحداً لم يكن يعرف وظيفتها الدقيقة أو يعتقد بأنها يمكن أن تبث تلقائياً. وكنت أدرس قرين آمون، وهو مجرد جزء صغير من الدماغ، لمدة 40 عاماً ويظل يُدهشني إلى الآن”. وكان علماء في المختبر يدرسون شرائح من قُرين آمون فأر مقطوع ولاحظوا “وثبة” موجة عبر قطعٍ عملوه في نسيج الدماغ. وهم يقولون إن التفسير الوحيد لهذا أنه ارتباط مجال كهربائي.
 
                                  عن/