كيفَ تؤثر السياسة النقديَّة في أسعار الذهب عالمياً؟

اقتصادية 2019/03/22
...

عواصم/ متابعة
يتحرك الذهب في الاتجاهين الصاعد والهابط مع تغير موقف السياسة النقدية، لكن كيف يحدث ذلك؟ وأي القرارات تؤثر سلباً وأيهما تكون ذات تأثير إيجابي في أداء المعدن؟.
توقعات السوق بأنَّ المركزي الأميركي سيبقى في وضع التوقف حتى بقية العام. (ألغى الفيدرالي بالفعل احتمالية زيادة معدل الفائدة خلال 2019).
ومن المرجح أن يؤثر ذلك بدوره في أداء الذهب، بحسب تقرير نشره مجلس الذهب العالمي عبر موقعه الإلكتروني تحت عنوان “تأثير السياسة النقدية في الذهب”.
وتظهر تحليلات مجلس الذهب أنه تاريخياً عندما يتحول الفيدرالي من موقف متشدد بشأن السياسة النقدية إلى موقف محايد، فإنَّ أسعار الذهب تشهد ارتفاعاً حتى وإن لم يكن هذا التأثير يحدث بشكل فوري.
ومن وجهة نظر المجلس العالمي للذهب، فإنَّ مزيج معدلات الفائدة الأميركية محدودة النطاق إلى جانب تراجع قيمة الدولار الأميركي ومخاطر السوق المتواصلة، سوف تستمر في جعل الذهب أصلاً جاذباً بالنسبة للمستثمرين.
 
محركات الذهب في 2019
في تقرير توقعات 2019، اعتبر مجلس الذهب بالسياسة النقدية واتجاه الدولار الأميركي عاملاً رئيساً يجب مراقبته لرصد أداء المعدن هذا العام.
و”من هذا المنطلق نعتقد أن اجتماع 20 آذار الذي يتضمن تقرير توقعات الفيدرالي، سيوفر مزيداً من الوضوح بشأن توقعات السياسة النقدية والتي ستقدم بدورها توقعات إضافية بشأن أداء الذهب هذا العام”، بحسب المجلس.
وتشير أسعار السندات الحالية التي تعكسها السوق، والتي تميل أن تشمل بدقة إشارات مؤقتة من الفيدرالي، إلى أنه من المرجح بشدة أن يظل المركزي الأميركي في حالة توقف عن زيادة معدلات الفائدة خلال عام 2019، كما أنَّ لديه فرصة لخفض الفائدة (احتمالية بنسبة 15بالمئة) للمرة الأولى في عدة سنوات.
 
معلات الفائدة أصبحت أكثر تأثيراً
تنقسم محركات الذهب إلى 4 عوامل وتحدد التفاعلات بين هذه الفئات أداء الذهب على المدى القصير والطويل.
والمحركات الأربعة هي التوسع الاقتصادي: تُعد فترات النمو الاقتصادي داعمة للغاية للطلب على المجوهرات والتكنولوجيا والمدخرات طويلة الآجل.
والمخاطرة وعدم اليقين: غالباً ما يعزز تباطؤ السوق الطلب على الذهب كملاذ آمن.
وتكلفة الفرصة: يؤثر سعر الأصول التنافسية مثل السندات والعملات وغيرها في اتجاهات المستثمرين بشأن الذهب.
والزخم: يمكن لتدفقات رأس المال واتجاهات الأسعار والمراكز الشرائية أنْ تعزز أداء المعدن أو تضعفه.
وخلال العام 2018، تأثر أداء الذهب إلى حدٍ كبيرٍ باتجاه الدولار الأميركي لكنَّ معدلات الفائدة إلى جانب حالة عدم اليقين بالأسواق عادت من جديد للصدارة.
وسلط البحث السابق لمجلس الذهب الضوء على حقيقة أنَّ معدلات الفائدة ذات تأثير أكبر في أداء أسعار الأصول (بما في ذلك الذهب) عندما يكون هناك تحولٌ في موقف السياسة النقدية (على سبيل المثال من الحيادية إلى التشديد النقدي أو العكس).
وفي الواقع، يشير تحليل المجلس بشأن أداء الذهب في كانون الثاني إلى أنَّ توقعات معدلات الفائدة بدأت تلعب دوراً مؤثراً أكثر مما كانت عليه في العام 2018.
 
الآثار المترتبة على الذهب
السؤال ذو الصلة بالنسبة لمستثمري الذهب هو إذا كانت السياسة النقدية على وشك التحول من التشديد (معدلات فائدة أعلى) إلى المحايدة (معدلات فائدة ثابتة)، فهل يجب أنْ يكون ذلك عاملاً إيجابياً بالنسبة للذهب؟.
وعلى هذا النحو، فإننا ننظر إلى الأداء التاريخي للذهب والأصول الرئيسة خلال دورات زيادة الفائدة السابقة وكذلك خلال الفترات التي تشهد تحول السياسة من التشديد إلى الحيادية وصولاً للتيسير النقدي في نهاية المطاف.
 
تأثر أسعار الذهب بعد خفض الفائدة
لم يكن متوسط الآثار المباشرة (من شهر إلى 3 أشهر) للانتقال في السياسة من التشديد إلى الحيادية على الذهب واضحة.
وقد تكون أسباب ذلك هي:
1- حالة عدم اليقين بشأن ما إذا كانت معدلات الفائدة الآخذة في الارتفاع قد تُستأنف.
2- تراجع معدل التضخم أو انخفاض خطر تسارع التضخم، والذي عادةً ينظر إليه كمؤثر سلبي بالنسبة للذهب.
3- تحول مخصصات المستثمر إلى الدخل الثابت الآمن (السندات الحكوميَّة أو النقد) من الأصول الخطرة بدلاً من الذهب.
4- مسار غير مؤكد بالنسبة للدولار: من المرجح أنْ تكون حجة معدلات الفائدة بالنسبة للدولار أضعف لكن حجة الملاذ الآمن آخذة في الزيادة.
 
كل الدورات ليست متشابهة
لا تظهر كل الدورات مثل هذا التشابه، إذ تشارك الدورة الحالية المزيد من أوجه التشابه مع الدورتين الأخيرتين: خلال الفترة بين عامي 1999 و2000 والفترة بين عامي 2004 و2007 على الرغم من أنَّ تلك الفترتين شهدتا خفض معدلات الفائدة.
ويشير هذا إلى احتمالية ارتفاع أسعار الذهب على المدى المتوسط.
وكانت معدلات الفائدة آخذة في الارتفاع من دون توقف لمدة 12 شهراً على الأقل في كلتا الدورتين، كما أنَّ منحنى العائد على السندات كان مسطحاً أو مقلوباً بالفترة نفسها، فضلاً عن تراجع مبيعات التجزئة وتدهور شروط الائتمان (2006 - 2007) كما بلغت أسعار النفط ذورتها (عام 2000).
 
الذهب يميل للارتفاع على المدى المتوسط
اعتماداً على أحدث الدورات الاقتصاديَّة، يشير التحليل إلى أنَّ الذهب يؤدي بشكل أفضل في دورة ما بعد التشديد النقدي، لكنَّ الفترة التي تشهد حدوث ذلك
 تختلف.
وعلى سبيل المثال، فإنَّ الذهب ارتفع 3.6 بالمئة في العام 2001 بعد 12 شهراً من توقف الفيدرالي عن زيادة معدلات الفائدة.
لكنه ارتفع بنسبة 7 بالمئة بعد شهرٍ واحدٍ فقط من التحول في السياسة عام 2007، وهو الاتجاه الذي استمر، إذ كان أعلى بنحو 19 بالمئة في الاثني عشر شهراً التالية لآخر زيادة بمعدل الفائدة نفذها الفيدرالي.
وبشكل عام، تفوق الذهب على الأسهم ومجموعة السلع الأوسع خلال تلك الفترات عينها، كما كان أفضل أداءً من سندات الحكومة الأميركية وسندات الشركات في دورة ما بعد التشديد النقدي الأخيرة والتي تزامنت مع الأزمة المالية العالمية عامي 2008 و2009.
ومن المرجح بشدة أن هذا الوضع كان نتيجة للمخاطر النظامية الأكثر انتشاراً.
 
ماذا يعني كل هذا؟
في حين أنه لا يوجد دليلٌ واضحٌ يشير إلى وجود أثر إيجابي سريع في سعر الذهب بعد توقف الفيدرالي عن زيادة الفائدة، فإنَّ التحليل التاريخي يوضح أنَّ المعدن النفيس في نهاية المطاف يتفاعل بشكل إيجابي مع استمرار دورة التوقف و/أو تخفيف المركزي الأميركي لسياسته النقديَّة.