فجوتا الدين والعجز

اقتصادية 2019/03/22
...

ثامر الهيمص
بلغت فجوة العجز لموازنة 2019 أكثر من 27 ترليون دينار. ليتم تغطية هذا العجز من خلال الوفرة المتحققة من صادرات النفط الخام والاقتراض الداخلي والخارجي.
وتجاوزت أقساط الدين العام الداخلي والخارجي عشرة ترليونات دينار، لا شك إنها فجوة لا يمكن ردمها بالطرق التقليديَّة لأنها نجمت عن ظروف غير اعتياديَّة، كما أنَّ الاعتماد على الريع النفطي لا يمكن المراهنة عليه، لا سيما أنَّ هذه الثغرات باتت تشكلُ هماً يتراكم مع تحديات واستحقاقات ملحة، أبرزها فاتورة الرواتب وما يدور حولها لتصبح لها الأولويَّة.
لكن لدينا من الموارد والإمكانات ومن خلال سياسات اقتصاديَّة نأمل أنْ تكون قادرة عليها من خلال معالجة ملفات كبرى بعد ملف الفساد واستعادة المنهوب من المال العام، وهذه الملفات منها مثلاً ملف وزارة الصناعة الذي بات عبئاً من خلال موازنته التشغيليَّة، إذ لديها 70 ألف منتسب لم تعالج قانونياً ولم تشغل معاملهم أجمالاً, رغم أنَّ هناك تجربة التقاعد المبكر كما طبقت في مصر، علماً بأنَّ هذا الترهل معرقلٌ أساسيٌّ يحول دون استثمار مصانع الصناعة كرافدٍ لعملية الاستيراد العشوائي الذي يدمر المنتج العراقي.
أما الملف الثاني فهو ملف الأوقاف وكيفيَّة توحيدها بوزارة واحدة وتمويل ذاتي لامتلاكهم الإمكانات المتاحة لسهولة استثمار أملاكهم اقتصادياً وسياحياً ولتوظيف مبالغ تخصيصاتهم من الموازنة لوجهات أخرى أهم بالتنسيق والتفاعل مع الجهات ذات العلاقة، لا سيما أنَّ السياحة الدينيَّة في تزايد وازدهار، كما أنه من المعلوم إنَّ التوحيد بوزارة واحدة يعزز الخبرات ويخفف عن كاهل الميزانيَّة التشغيليَّة.
والملف الثالث، هو إقامة أفضل العلاقات الاقتصاديَّة المتوازنة مع دول الجوار من خلال مشاريع مشتركة كالمناطق الصناعيَّة المزمعة إقامتها مع الأردن، ما يرفع نسب تنفيذ المشاريع داخل البلد، بشرط أنْ تكون في إطار خططنا الزراعيَّة والصناعيَّة، فهذا التوجه سيدفع نحو تأمين الحدود من التهريب والتسلل بكل أشكاله، ما يخفض الكلفة العالية لصالح المستحقات الملحة المعروفة.
لا يفوتنا إنَّ الانسجام الإقليمي مع دول الجوار سيساعد مباشرة في حسم الملف المائي كدول متشاطئة أو دول مصب، ما يعزز إمكانية قيام كتلة اقتصاديَّة تحمي الجميع ويكون لها موقفٌ أمام المنظمات الدوليَّة الاقتصاديَّة، وهذا يؤسس بنية تحتيَّة للتنمية في كل بلد يسعى للتكامل والتعاون.
ولعلَّ ما يدعم هذا التوجه هو أنَّ إرادتنا السياسيَّة والاقتصاديَّة مدعومة من أكبر برنامج وزاري معقول واقعي كما نلمسه من اتفاقات اقتصاديَّة عُقِدتْ مؤخراً مع أكثر من دولة.
نأمل أنْ يكون العامل الاقتصادي المجدي هو العامل الحاسم كجدوى اقتصاديَّة مع دول الجوار لتعزيز اقتصاداتهم واقتصادنا، وليس لاعتبارات خارج السياق الوطني لكل بلد.
من خلال ذلك بوسعنا ردم الفجوات المتفاقمة التي أفرزتها تركات سنوات ما قبل 2003 وسوء الأداء والفساد، كما أنَّ التفاقمات يمكن إيقاف نزفها بإزاحة عوامل الضعف في الأداء الإداري 
والمالي.